أكد صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية دعم المملكة للجهود الدولية محليا ودوليا في مواجهة الجرائم المالية والاقتصادية وغيرها من الجرائم بشكل جماعي وفعال. وأضاف سموه في كلمة ألقاها نيابة عنه معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الاستاذ حمد السياري في افتتاح فعاليات الاجتماع الاقليمي الآسيوي الاول بشأن التعاون بين اجهزة انفاذ القانون والمؤسسات المصرفية صباح امس بفندق الخزامى بالرياض ان استضافة المملكة لهذا الاجتماع يؤكد استمرارية دورها المتميز في دعم الجهود الدولية نحو ايجاد مجال أرحب من التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات. وأضاف سموه ان التعاون بين جهات انفاذ القانون والمؤسسات المصرفية اصبح مطلبا ملحا اكثر من اي وقت مضى، ولابد من وجود آلية في كل بلد لتنظم هذا التعاون، وبالنسبة للمملكة، فان مؤسسة النقد هي الجهة المخولة بالرقابة على الاعمال البنكية والتأكد من مشروعيتها، والمملكة عضو في فريق العمل المالي «FATF» من خلال مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتشارك في وضع الضوابط المناسبة لمكافحة غسل الاموال وقد قامت المملكة باتخاذ العديد من الخطوات التنفيذية المتعلقة بمكافحة غسل الاموال والتي تشمل اولا وقبل كل شيء المصادقة على اتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات عام 1988م والموافقة على التوصيات الاربعين الصادرة عن فريق العمل المالي وانشاء وحدة متخصصة في المؤسسة وكذلك وحدات مماثلة في البنوك المحلية كما اصدرت دليلا ارشاديا للقطاع المالي، واود هنا ان اضيف ان المملكة تنفرد بتطبيق برنامج تدريبي كامل ومميز لكافة الاطراف ذوي العلاقة باجراءات مكافحة هذه العمليات والتي تشمل موظفي مؤسسة النقد وموظفي البنوك والاجهزة التحقيقية وجهاز الادعاء العام والجهاز القضائي. واستطرد سموه في كلمة قائلا: ان الامن هو الاساس لكل مناشط الحياة ونموها واستقرارها وهو مطلب اساسي لكل الامم، حيث ان الاجرام بشتى انواعه باعث قلق مشترك للحكومات والشعوب في كل انحاء العالم، فالاستقرار الاجتماعي والاقتصادي يعتمدان على الوقاية النشطة الفاعلة، وعلى مكافحة النشاطات الاجرامية بشتى انواعها. موضحا سموه انه لا يخفى على الجميع الجهود الدولية القائمة لقمع ومكافحة تمويل العمليات الارهابية، ونظرا لما للمملكة العربية السعودية من ثقل روحي وثقافي واقتصادي وحضاري فقد وظفت ذلك كله لما فيه خير وسلامة الانسانية والبشرية جمعاء ونؤكد على ضرورة فصل التصرفات الفردية الشاذة واللا مسؤولة عن الاسلام دينا وحضارة وعلى بذل كل ما في وسعنا للتعريف بالرسالة النبيلة السمحة للدين الاسلامي الحنيف وتصحيح المفاهيم الخاطئة عنه، وان المملكة العربية السعودية تحارب الارهاب، بكافة صوره واشكاله، حيث لا يتفق مع المبادىء الاسلامية، وانما يأتي من منطلقات سياسية واجرامية من بينها الجهل بالاسلام دين السماحة والوسطية والحضارة، وهو دين علم وفكر وثقافة، ومما لاشك فيه ان سلوكيات المسلم اذا انطلقت من مفهوم اسلامي صحيح فانها تعكس قيما اخلاقية رفيعة. واكد سمو وزير الداخلية ان التطرف والارهاب كلمتان يكثر استخدامها في نشرات الاخبار، ولم تعد مشكلة الارهاب قاصرة على دولة بعينها وانما هي مشكلة دولية بكل معنى الكلمة، ومما يؤسف له ان تربط بعض وسائل الاعلام بين الارهاب والاسلام، او ان يتم استغلال الفزع العالمي من الارهاب لاغراض سياسية غير مشروعة تسيء الى الاسلام او تشوه الاعمال المشروعة لمقاومة الاحتلال. واضاف سموه: ونحن اذ نميز بين الارهاب الذي يجب ادانته وشجبه، وبين حق الشعوب المشروع في مقاومة الاحتلال والاستعمار، نؤكد ان الاسلام نقيض الارهاب وينبذه ويوقع اقسى انواع العقوبات على مرتكب ذلك العمل المشين. يقول الله عز وجل في محكم كتابه «انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا». ان المملكة دولة اسلامية تطبق الشريعة الاسلامية وتحكمها في جميع شؤونها، ولان الاسلام ينهى عن التطرف ولا يقر الارهاب فان المملكة تحاربه بحزم وصرامة على شتى الصعد بكل الوسائل المشروعة. وتمشيا مع قرارات الاممالمتحدة حول مكافحة الارهاب وتمويل عملياته وتعاونا مع الجهود الدولية المبذولة في هذا المجال فقد قامت المملكة بالانضمام الى العديد من الاتفاقيات الدولية وتنفيذ قرارات مجلس الامن الصادرة بهذا الشأن وكذلك المصادقة على اتفاقيات مماثلة على مستوى العالمين العربي والاسلامي. اما في مجال الجرائم الاقتصادية بصفة عامة فيلاحظ تزايد هذه الجرائم عالميا مع آثارها السلبية اقتصاديا واجتماعيا وكذلك يلاحظ تنوع في اساليب ارتكاب هذه الجرائم وامتدادها الدولي وشمولها لمعظم الخدمات التي تقدمها المؤسسات المالية مما يحتم تطوير اجهزة انفاذ القانون الفنية والبشرية وتحديث اساليبها في مكافحة هذه الجرائم وتدعيم التعاون بين جهات انفاذ القانون والمؤسسات المالية. ومن هنا يسعدني ان اعلن عن افتتاح «الاجتماع الآسيوي الاول الخاص بالتعاون بين جهات إنفاذ القانون والبنوك». وفي ختام كلمته قدَّم سمو الامير نايف الشكر للمنظمة الدولية للانتربول للموافقة على اقامة هذا الاجتماع في المملكة، وكذلك الانتربول السعودي ومؤسسة النقد على الاعداد والتنظيم والمتابعة وتمنى للمؤتمر النجاح معربا عن ثقته من ان مداولات هذا الاجتماع ستكون مثمرة وبناءة بإذن الله. من جهته اكد معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الاستاذ حمد السياري في تصريح صحفي ان برنامج مكافحة غسيل الاموال في المملكة يعمل منذ مدة طويلة ويعد عملية مستمرة حيث تم العديد من الاجراءات الوقائية للتحري وضبط اي محاولات لغسيل الاموال وتم عمل قيود ومراقبة للعمليات المشبوهة وابان ان المملكة من الدول السباقة في مكافحة هذه العمليات موضحا ان محاولات غسيل الاموال نشاط اجرامي عالمي وقد لوحظ وجود محاولات من الجهات التي تريد غسيل الاموال بشتى الوسائل ومن بينها الاتصال برجال اعمال وعرض صفقات مغرية مضيفا انه تم اكتشاف امكانية استخدامهم للحوالات المالية او الصفقات التجارية لهذا العرض واتخذت الاجراءات اللازمة للتصدي لها وبين معالي المحافظ ان عمل الجمعيات الخيرية عمل نبيل ومشروع مع وجوب الحذر في الاجراءات لتحاشي سوء استخدامها من قبل اشخاص لهم نوايا غير مشروعة. كما اكد الاستاذ السياري في معرض اجاباته على اسئلة الصحفيين ان المملكة تعد في المرتبة الاولى بين الدول التي صادق على التوصيات الاربعين لاجراءات مكافحة غسيل الاموال حيث اصدرت التنظيمات اللازمة لتثبيت تلك التوصيات بما في ذلك محاربة استخدام العمليات التجارية لمثل هذه الاعمال. مشيرا الى ان احداث الحادي عشر من سبتمبر اثبتت سلامة الاجراءات التي كانت متخذة من قبل في عمليات مكافحة غسيل الاموال بالاضافة الى الاجراءات الوقائية التي تحظر فتح حسابات لغير المقيمين الا بموافقة بحيث تخضع للرقابة والاشراف للتأكد من سلامة العمليات. وفي رد على سؤال عن الارصدة التي طلب من المملكة تجميدها قال معاليه انه تم تنفيذ قرارات مجلس الامن في هذا الخصوص مشيرا الى ان البيانات التي صدرت من مجلس الامن تشمل حوالي «150» اسما. وكان صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية قد دشن فعاليات الاجتماع الاقليمي الاسيوي الاول بشأن التعاون بين اجهزة القانون والمؤسسات المصرفية في كلمة القاها نيابة عنه معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الاستاذ حمد السياري. وقد تحدث في مراسيم الافتتاح الاستاذ سليمان السعيد من مؤسسة النقد العربي السعودي شكر سمو وزير الداخلية على رعايته لهذا الاجتماع واكد في كلمته ان استضافة المملكة لهذا المؤتمر يعد تعبيرا صادقا على تقديرها العظيم الذي يقوم به المسؤولون والدول في توطين الامن والازدهار للشعوب ويؤكد رغبتها في تعزيز علاقة التعاون من اجل العمل سويا لتحقيق الاهداف المشتركة. واضاف السعيد ان نوعية الجرائم تتغير مع اختلاف الازمنة ومن هذا المنطلق تكمن اهمية مثل هذه الاجتماعات التي تسعى الى تطوير التعاون بين الجهات المالية وسلطات اجهزة انفاذ القانون وتذليل الصعوبات التي تواجهها القطاعات الامنية والمصرفية لتتبع تلك الجرائم مؤكدا دور القطاع المالي في مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية، منوها باهتمام الجهات الامنية في المملكة على القطاع المصرفي وانشاء ادارات متخصصة لاستئصال الجرائم التي تؤثر على الاقتصاد. من جانبه قدم السيد/ سعود المحمود المدير المساعد لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا امانة الانتربول العامة شكر وتقدير لصاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبد العزيز على موافقته على استضافة الرياض هذا الاجتماع الذي يعد الاول من نوعه يعقد في قارة آسيا معربا عن امله بأن يتوصل المؤتمرون الى توصيات تفيد الجميع.