عند الحديث عن البحث والابتكار تتكرر الإشارة إلى دعم الشركات والمؤسسات والعائد الإيجابي لها بسبب ذلك الدعم. وطبعاً، تتهم مؤسساتنا وبنوكنا وشركاتنا بالتقصير في هذا الجانب. المقارنات تتطلب فهم آلية أداء الأعمال والأنظمة الدافعة والمحفزة لدعم البحث من قبل الشركات. بعيداً عن مجرد استدرار عواطف الشركات لنبدأ من السؤال، لماذا تدعم الشركات والمؤسسات الكبرى الغربية البحث العلمي والابتكار والتعليم؟ أربعة أسباب رئيسة تسهم أو تحث أو تجبر المؤسسات على دعم البحث والابتكار ونحتاج تطويرها في بيئة الأعمال والأنظمة لدينا. 1 - كجزء من التطوير في المؤسسة. الشركات التي جزء من طبيعة عملها التطوير للمبتكرات والمنتجات الجديدة، البحث والابتكار أهم أدواتها في هذا الشأن، وهذه لا تحتاج تحفيزاً لأنه طبيعة عملها. للأسف أغلب مؤسساتنا استهلاكية ولا تقوم بالتطوير والابتكار باستثناء قلة، مثل سابك أو أرامكو. وعليه يفترض أن يكون ضمن فقرات الميزانيات الرسمية للشركات بند يتعلق بالتطوير والبحث. لنفرضه بشكل واضح كأن يكون بنسبة 2-4 % من الأرباح كحد أدنى للشركات التي تتجاوز أربحاها مبلغاً يتم تحديده. هنا ستنشط الشركات في الاستعانة بالباحثين ودعمهم بقوة، لأنه متطلب عليها ذلك. يلاحظ الميزانيات المنشورة لشركاتنا ومؤسساتنا الكبرى لا تحوي بنوداً تخص البحث والتطوير والمسؤولية الاجتماعية. 2 - تقدير نظام الضرائب للتبرعات الموجهة للبحث العلمي والتعليم والعمل المجتمعي غير الربحي بصفة عامة. فالتبرعات تحسب كنقاط ضريبية إيجابية، عبر إعفاءات ضريبية أو استعادة ضريبة..إلخ. الآن وقد أصبح لدينا نظام ضرائب، يفترض أن يكون ضمن مكونات الإعفاءات الضريبية التبرع للبحث العلمي والخدمات الاجتماعية ...إلخ. 3 - نظام المسؤولية الاجتماعية، حيث إنها جزء من المسؤولية الاجتماعية المتعارف عليها سواء طلبها النظام أو مجرد جزء من مصداقية المؤسسة أمام عملاءها ومجالس إدارتها. في مؤسساتنا، المسؤولية الاجتماعية غير واضحة ولا يلتزم بها الجميع. وأحياناً تكون عبارة عن فقرة دعائية وإعلامية لكنها متواضعة في قيمتها ومعناها. لذا نحتاج النظر في تحديدها وتوجيه جزء منها تجاه دعم البحث العلمي.. 4 - نظام المؤسسات غير الربحية. من يتأمل أغلب التبرعات للبحث العلمي في الدول الغربية يجده يأتي عبر أذرع مؤسسات أو صناديق غير ربحية، سواء مؤسسات تابعة مباشرة للمؤسسات أو مستقلة أو وسيطة. لقد كررت -ربما حد الملل- ضرورة تأسيس نظام للمؤسسات غير الربحية في المملكة وهي تختلف عن المؤسسات الخيرية. انظر مثلاً مؤسسة بيل قيت وميلندا، إنها مؤسسة غير ربحية تنشط في التطوير والبحث ومثلها مؤسسة فورد وغيرها من المؤسسات غير الربحية الكبرى العاملة أو الداعمة للبحث والتطوير. طبعاً لا نعفي الباحثين والمؤسسات البحثية من ضرورة كسب ثقة المتبرعين والحفاظ على حقوقهم وسرية معلوماتهم. يجب الإدراك بأن الحصول على الدعم لا يعني فقط مكافآت للباحثين بل لإنتاج البحث الرصين الذي يحفز الداعمين لتكرار الدعم لهم. علينا تقدير البحوث ذات العلاقة بالتطوير وتخصص المؤسسات وليس فقط ما ينشر كأوراق علمية، ليلتقي البحث مع تطلعات واحتياجات المؤسسات الداعمة. وكذلك تقدير الحصول على منح بحثية ضمن حسابات الترقية فهو لا يقل جهداً عن نشر البحوث أحياناً.