سأقدم لموضوعي هذا بمقدمة أو بالأحرى ديباجة طويلة على انها غير انشائية على حد ما أزعم وإن كانت على أية حال مقدمة تبريرية وذلك لتبرير النقد غير اللاذع الذي سأورد بعض نقاطه بعد الديباجة حول ندوة مجلس الشورى الأخيرة، والتي نرجو الا تكون الأخيرة وما هذا التصوير الا لئلا اتهم بمشاغبة مجلس الشورى او ازعاج السلطات التي يخال بعض اعضائه انه يملكها ضد النقد.. واليكم المقدمة أولا: على صفحة شؤون محلية بجريدة اليوم، يوم الثلاثاء الماضي 17/10/1422ه الذي وافق مطلع العام الميلادي الجديد قرأت المتابعة الصحفية للندوة التي بادر الى عقدها مجلس الشورى في فندق الانتركونتيننتال بالرياض بمناسبة مرور عشرين عاما على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز مقاليد الحكم بالمملكة وكانت الندوة بعنوان «مجلس الشورى الحديث في المملكة العربية السعودية» وقد شارك في الندوة عدد من أعضاء مجلس الشورى بمحاضرات تناولت محاور الندوة وقد تضمنت الندوة عدة محاور هي كالتالي: تطبيقات الشورى في عهد خادم الحرمين الشريفين. مجلس الشورى الحديث في المملكة. مسيرة الشورى في المملكة. وهي كما يرى القارىء محاور في منتهى الامسية لتجربة الشورى في وطننا ولتعميم الوعي بها وخلق إحساس عام بجدية التجربة للالتفاف حولها والمشاركة فيها، غير انني لن اكتفي بهذا القدر من المقدمة، بل انني امعاناً في التشويق سأعرج على ذكر أهم القضايا التي تناولتها المحاور أعلاه كما قرأتها في متابعة جريدة اليوم فقد تناولت أوراق هذه المحاور قضايا حيوية منها: الشورى كمنهج من حيث المبدأ كمفهوم ومن حيث التطبيق كنظام ومن حيث واقعها كتجربة سياسية جديدة بالمملكة. تطوير مجلس الشورى على المستوى الخارجي ودوره في اقامة علاقات بالبرلمانات الاخرى ومجالس الشعب في المحافل الدولية. منطلق الدولة في الحكم والادارة. تعريف الشورى وانها مشتقة من التشاور وتداول الرأي وبذل النصيحة للأمة. الزامية الشورى للأمة والإمام في الامور المتعلقة بشؤون العباد والبلاد. تبلور اشكال منهج الشورى من عهد النبي صلى الله عليه وسلم مرورا بعهد عمر بن الخطاب وصولا الى بناء الدولة الحديثة المبنية على مبادىء الاسلام، خاصة في هذا الوقت الذي لم يعد بامكان «السلطان» أو بالطبع من يقوم مقامه الإلمام بجميع شؤون الحياة. مراحل تجربة الشورى بالمملكة. مرحلة الانتخاب ثم الانتخاب مع التعيين التي أسست عام 1346ه في عهد الملك عبد العزيز. مرحلة التعيين في عهد خادم الحرمين الشريفين والتي جاءت في اطار اصدار النظام الأساسي للحكم، «ولا زال التطلع قائم بمزيد من تطويرها». والآن وقد فرغت من المقدمة لنحشر في السطور الأخيرة من المقال نقاط النقد: 1 على الرغم من حيوية واهمية المحاور والقضايا التي طرحتها الندوة «كما أسهبت في تبيان ذلك عبر المقدمة»، فقد بدا واضحا ان هناك غياباً ان لم يكن تجنباً لطرح اي ورقة عمل «وهذا ما استخلصه من المتابعة» تعنى بتقديم نقد موضوعي تقييمي لتجربة الشورى، يبين مالها وما عليها وما قدمه مجلس الشورى حتى هذه اللحظة او ما قصر فيه. 2 لم يشارك في الإعداد لأوراق الندوة الا أصحاب الدار من أعضاء سابقين أو حاليين بمجلس الشورى ومع العلم ان معظم اعضاء المجلس من ذوي الخبرة والعلم، ومع ان أهل مكة أدرى بشعابها وقد يكون اعضاء المجلس الاقدر على التحدث عن التجربة الا ان ذلك لا يعني ان شهادتهم قد لا تكون مجروحة خصوصا عند استعراض انجازات المجلس وكان الاحرى تنويع المشاركة من اعضاء وغير اعضاء المجلس. وفي هذا السياق فاننا لا ندري لماذا استبعد العنصر النسائي من تقديم اي ورقة عمل حول الشورى وتجربتها الهامة على الأقل لطرح حوار حول موقع المرأة في الشورى من حيث المبدأ عبر قراءة التاريخ الاسلامي بهذا الصدد وهناك الكثيرات من النساء الجادات القادرات والراغبات في المشاركة الاكاديمية والفكرية ان لم تكن المشاركة الفعلية متاحة حاليا. 3 يا اخوان اعضاء مجلس الشورى... انتم مجلس شورى وليس شركة ذات ربحية عالية او هيئة تشريفية فلماذا عقد الندوة في رحاب الانتركونتيننتال ألم يكن بالامكان عقد مثل هذه الندوة في مكان أقل عاجية وفخامة وتكلفة خاصة في مثل هذه الظروف الحالية العصيبة أم ان مثل هذه الندوات تستضاف مجانا؟ لا أدري ولكن ما أدريه ان مثل هذه الندوة لو أقيمت في قاعة احدى الجامعات لكانت أقل برجية ولحضرها قطاع عريض من الطلاب والأساتذة والعامة من الجنسين «عبر الشبكات المغلقة للنساء» بدلاً من ان يقتصر الحضور على رئيس مجلس الشورى وبعض أعضائه وعدد من أصحاب المعالي الوزراء وكبار المسؤولين وعدد من المثقفين والأدباء والاعلاميين، والا كيف يكون مجلس شورى ولا يكون جمهوره من صميم الشعب وليس الصفوة فقط؟ تعليق أخير: لا أدري لماذا كلما طالعت كلمة مجلس الشورى تذكرت قصة الزميلة أميمة الخميس «مجلس الرجال الكبير».