أكثر جزئية يمكن أن تشد أي قارئ لكتاب الدكتور عبدالعزيز خوجه الصادر مؤخرًا «التجربة» حين استذكر حادثة مراقب مدرسته الإبتدائية بمكة والذي وضعه بالفلقة وضربه بالعصا على قدميه والسبب كما يعتقد الدكتور أنه رآه في اليوم السابق يمتطي دراجته الهوائية «البسكليته» كما ينطقها المراقب، وعلق الدكتور خوجه على تلك الحادثة نصًا: «ولم أسامحه إلى يومي هذا ولن أسامحه حتى آخذ حقي منه عند رب العالمين». * * * حادثة الدكتور خوجه تلك جعلتني أعود بالذاكرة إلى قصة مشابهة لمثقف آخر لكنها حقيقة أقوى بمراحل، وهي للأديب الرائد أحمد عبدالغفور عطار -رحمه الله- وقد استعرضها في كتابه «بين السجن والمنفى»، حيث فصَّل في حادثة سجنه لمدة تسعة أشهر نتيجة تعرضه لوشاية كاذبة كما ذكر ورغم كل ذلك إلا أن عطار علَّق عليها في كتابه الصادر عام 1401ه نصًا: «أعلن بصدق وإخلاص وصفاء قلب وحسن نيَّة أنني لست بحاقد على من كذبوا علي وكان بهتانهم سبب سجني ونفيي وأُشهد الله أنني سامحتهم لوجهه الكريم». موقف أحمد عبدالغفور عطار -رحمه الله- يعد درسًا ملهمًا ولا شك في التسامح والكرم والعفو والصفح ابتغاءً لما عند الله، وهي فرصة مواتية تعمدنا أن نستحضرها هنا من باب «وذكِّر» لنصافح بها الوزير المثقف والشاعر الأديب الدكتور عبدالعزيز خوجه راجين من خلالها أن يُسامح ويصفح امتثالاً لقوله تعالى {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}. ** **