لقد صدر قبل أيام قرار وزير التعليم بالدراسة عن بعد، وهو قرار صائب يحمل من الحنكة الشيء الكثير لما له من إيجابيات متعدِّدة؛ كونه يخلق نوعاً من التعاون الأسري والمجتمعي في العملية التعليمية ويجعل الأسرة والمدرسة شركاء في العملية التعليمية. وذلك ما يحتاج منهم إلى الحزم والانضباط؛ ليدرك الطالب أنه ليس في إجازة! وأنه لا بد له من التركيز، وأداء المهام والواجبات الدراسية بانتظام. ورغم تخوّف البعض من عدم فاعليته، وجدواه لكنه قرار يعود بنتائج إيجابية على العديد من الأسر في نواح عدة؛ من ضمنها الجانب المادي، لأنه سيخفف كثيراً من العبء المادي المترتب على توفير المستلزمات الدراسية والمصروف اليومي للطالب، وأجرة السائق، وإذا كان لدى الأسرة أكثر من طفل سيكون هذا العبء مضاعفاً؛ فضلاً عن الحالة النفسية للطالب وهي الأهم، فالبناء النفسي هو الركيزة الأساسية التي يستند عليها لمواجهة سنوات العمر. ونحن نعلم أن بعض الطلاب خصوصاً في الصفوف الأولى، يرفض الدراسة! ويكون الأهل في حيرة من أمرهم، بين تأجيل ذهابه للمدرسة، أو الضغط عليه وكلاهما أمر صعب؛ ناهيك عن التنمّر الذي ربما يتعرّض له بعض الطلاب، وقد لا يستطيع مواجهته بسبب صغر سنه أو ضعف شخصيته. ولكن بتفعيل قرار الدراسة عن بعد، يستطيع الطالب إكمال مشواره التعليمي بدون رهبة، وبنفسية جيدة. كما أن القرار حل مثالي لطلاب الجامعات الذين يقطنون في أماكن بعيدة عن مقر جامعاتهم، ويوفر عليهم الوقت والجهد والمال. كما أنه يساعد الشخص الذي يواجه صعوبةً في التعلّم وسط مجموعة.. ويفعِّل كذلك مهارة التعليم الذاتي، وهو نظام عصري يساعد في إيجاد جيل متطور يتعامل مع التكنولوجيا بإيجابية، ويستطيع التعامل مع التقنيات الحديثة بمهارة عالية. وللنهوض بالعملية التعليمة عن بعد، لا بد من الرفع من كفاءة المعلمين بالتطوير المهني ومسايرة مستويات التقدّم كالدروس المصوّرة على اليوتيوب، والألعاب الإلكترونية وتوظيف التقنيات الحديثة بطرق تلائم المعلِّم والمتعلِّم والانفتاح على التجارب العالمية. وختاماً فإن المرحلة الحالية بكل ما فيها من جديد، مرحلة مهمة جداً في الطريق إلى تطوير التعليم وآلياته، وذلك للوصول إلى الأهداف المنشودة والمستوى العالمي في تخريج أجيال قوية تستطيع قيادة المجتمع والنهوض به في كافة مجالات الحياة. ** **