لم يكن صباح السبت الثامن عشر من ذي الحجة من هذ العام 1441 كغيره فقد حمل لنا خبراً حزيناً ليس لي فحسب بل لأسرة الغفيلي كلها ولمدينة الرس التي استيقظت على رحيل أحد أبنائها البررة ورجالها الكرام الشيخ محمد الصالح الغفيلي، فلطالما حمل هم أسرته وبلدته فأتبع ذلك بالعمل لأجلها ومتابعة شؤونها، والسعي في حوائجها منذ أن كان في التعليم متنقلاً بين مناصبه حتى صار مديراً للتعليم في الرس، فكان لا يقر له قرار يزور المدارس النائية ويتفقد الأحوال ويجتهد في سد النقص والوصول للكمال، متصفاً بالإخلاص لدينه ووطنه وولاة أمره، متفانياً في عمله، حازماً مربياً مع ديانة وأمانة نحسبه كذلك ولا نزكيه على ربه، فأبوصالح ليس مجرد شخص، هو جامعة للخصال الحميدة التي قلما اجتمعت في غيره، فمنذ عرفته من نصف قرن لم أعهد عنه إلا الصدق والنصح وحسن الخلق وجمال المنطق ومحبة الخير والصلة مع القريب والبعيد، فلطالما سابقناك للخير فسبقتنا، ودعوناك فأجبتنا، تسافر لتلبي دعوات محبيك كبيرة وصغيرة تعلوك ابتسامة الأوفياء، ويجللك البشر والنقاء، ما أعظم فقدك يا ابن العم، فمكانك في أسرتك الكبيرة، ومدينتك العزيزة سيبقى شاغراً فقد ترجلت وأنت رئيس مجلس أهالي الرس الممثل لهم المقدم فيهم، ولذا كانوا أوفياء لك فلم يجتمع في المقبرة معزون كما اجتمعوا لك بمختلف أعمارهم وأصنافهم وجنسياتهم، ترى الابن مع أبيه والأخ مع أخيه وفاء لمن كان وفياً نبيلاً كريماً مع الجميع، فعزائي لنفسي ولأبناء الفقيد وإخوانه وذويه ولأهالي الرس كلهم ومحبيه، وسيبقى ذكرك الحسن وأعمالك المباركة وآثار تربيتك ووصلك لأسرتك شاهدة لك شفيعة بإذن الله عند ربك وهو الرحيم الكريم العفو الغفور.. ** **