أكد مساعد وزير المالية للسياسات المالية الكلية والعلاقات الدولية عبدالعزيز الرشيد التزام حكومة المملكة باستدامة المالية العامة، والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، على الرغم من استمرار التأثيرات الناتجة من جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وما تبعها من انخفاض حاد في نمو الاقتصاد العالمي وأسعار النفط. وقال الرشيد في حلقة نقاشية مرئية، نظمتها الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أمس بعنوان «أولويات الإنفاق الحكومي لمعالجة آثار جائحة كورونا»، بمشاركة وكيل وزارة المالية بدولة الإمارات العربية المتحدة يونس الخوري، والمدير العام للموازنة والعقود بوزارة المالية بسلطنة عمان محمد البراشدي، وأدارها الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية والمتحدث باسم البنوك السعودية طلعت حافظ، أن الجائحة أربكت حسابات العالم، وأصبحت التوقعات فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي غير واضحة حتى لبيوت الخبرة مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وغيرهما من مراكز الأبحاث المتخصصة. مشيرًا إلى أن المشهد الاقتصادي لمرحلة ما بعد جائحة كورونا سيكون جديدًا على المستويَين المحلي والدولي، وأن القدرة على التنبؤ بما سيؤول إليه الحال في نهاية العام 2020، أو في العام 2021، ستكون محدودة بسبب حالة عدم اليقين السائدة. مشددًا على أهمية العناية بأن يكون المركز المالي للدول بعد تجاوز الأزمة في حال يمكنها من القيام بدورها لإنعاش الاقتصاد مع نهاية العام 2020م والعام 2021م. وقال الرشيد إن حكومة المملكة اتخذت عددًا من الإجراءات للحد من هذه التأثيرات على المالية العامة للدولة، بما يضمن توفير المتطلبات المالية اللازمة لتنفيذ الإجراءات الوقائية والمباشرة للتعامل مع تبعات الوباء، والحد من انتشاره لحماية المنشآت والأجهزة الحكومية، واستمرارية أعمالها، وتوفير جميع الاعتمادات الإضافية المطلوبة والخدمات الصحية اللازمة للوقاية والعلاج ومنع الانتشار، مع الحرص على أولوية الإنفاق الاجتماعي، وإعادة توجيه الإنفاق الحكومي وفق ما تتطلبه هذه المرحلة الاستثنائية. مؤكدًا أن الحكومة تعمل بشكل متواصل على تبني السياسات والإصلاحات المناسبة التي ستمهد لعودة الاقتصاد الوطني لحال أفضل -بإذن الله- مما كان عليه قبل أزمة كورونا. مشيرًا إلى الدور المهم الذي تقوم به صناديق التنمية، إضافة إلى صندوق الاستثمارات العامة، في دعم النمو من خلال أدوار مكملة لدور المالية العامة؛ إذ تتوافر لديها المقدرة على دعم الاستقرار المالي، وتمويل المشاريع التنموية والاستثمارية. وقال الرشيد إن السياسة المالية للمملكة استهدفت دعم الأنشطة الاقتصادية للقطاع الخاص لتخفيف الآثار الناجمة عن انتشار الفيروس، إضافة إلى الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة. مبينًا أن المبادرات المالية والنقدية التي قدمتها الحكومة منذ بداية الجائحة عكست حرص الدولة على حماية القطاع الخاص، ولاسيما أكثر الفئات تأثرًا بالأزمة من الأفراد والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، من خلال تقديم نحو 142 مبادرة بإجمالي مخصصات يتجاوز 214 مليار ريال، يُضاف إليها ما قدمته مؤسسة النقد العربي السعودي من مبادرات خصصت لها نحو 100 مليار ريال. مشيرًا إلى أن المبادرات شكلت توسعًا في الإقراض، وتعجيلاً في الدفعات للقطاع الخاص، وإعفاءات من خلال الدعم المباشر، وتأجيل المستحقات من ضرائب ورسوم، وتحمُّل الدولة 60 % من أجور المواطنين العاملين بالمنشآت الخاصة لمدة ثلاثة أشهر. كما تم تمديد بعض هذه المبادرات لمدد إضافية، إضافة إلى ما تم تخصيصه للقطاع الصحي بقيمة 47 مليار ريال، مؤكدًا أن المبادرات العاجلة والإضافية التي قدمتها حكومة المملكة خلال الأزمة أسهمت في استمرارية الأعمال، ودعم استدامة منشآت القطاع الخاص، وأن على دول المجلس أن تتجاوز في معالجاتها لتداعيات الأزمة المنظور القصير، وأن تحرص على أن تكون تلك المعالجات متوافقة مع التوجه الاستراتيجي طويل المدى المتعلق بتنويع اقتصاداتها، وتعزيز قدرتها الإنتاجية والتنافسية.