بعد إعلان وزارة الرياضة عودة النشاط الرياضي الذي توقف في العالم بأسره أكثر من ثلاثة أشهر بسبب جائحة كورونا (كوفيد 19) اتخذ الاتحاد السعودي لكرة القدم قرارات عدة حيال مسابقاته الكروية، منها عدم استكمال تصفيات الدرجة الثالثة المؤهلة لدوري الدرجة الثانية، مع تصعيد الأندية الثمانية المتنافسة قبل توقف الدوري، وهي: بيشة - كميت - اللواء - الزلفي - الذهب - النجمة - الترجي - السلمية. وزيادة أندية دوري الدرجة الثانية في الموسم الرياضي القادم من 24 إلى 28 فريقًا. وقد توقفتُ كثيرًا وأنا أستعرض الأندية الثمانية التي استفادت من هذا القرار، خاصة نادي الزلفي الذي لا يزال يقبع مع أندية الظل (الدرجة الثالثة) رغم عمره الطويل الذي يناهز نصف قرن (52 سنة)؛ إذ تأسس عام 1389 ه - 1969 م. وهو من الأندية العريقة والمعروفة، لكنه -مع الأسف- لم يوفق حتى الآن كغيره من بعض الأندية في صعود فريقه الأول لكرة القدم (اللعبة الشعبية الأولى على مستوى المعمورة) إلى دوري الأضواء والشهرة. وهذا في الواقع ما يستغربه كل من يعرف محافظة الزلفي وأهلها المحبين لمحافظتهم. أعتقد جازمًا أن السبب في ذلك يعود في المقام الأول إلى ابتعاد معظم رجالات المال والأعمال المنتمين للزلفي (المحافظة) عن الوقوف مع ناديَي محافظتهم (الزلفي وطويق)، وهما الناديان الوحيدان في المحافظة، وذلك من خلال دعمهما المادي والمعنوي رغم ما تزخر به المحافظة من رجال أعمال بارزين ومعروفين، سواء داخل المملكة أو في بعض الدول الخليجية المجاورة. وهم - والحق يقال - من الرجال الذين يشار لهم بالبنان في حب محافظتهم والوقوف معها بشكل كبير، ويبرز هذا جليًّا في المحافل والمناسبات التي تمر بالمحافظة؛ إذ تجدهم دائمًا في المقدمة بالمال والجهد، لا يتأخرون عن كل شيء لمحافظتهم.. لكن والحال هذه أستغرب أيما استغراب بُعدهم غير المبرر عن ناديَي الزلفي وطويق اللذين يعانيان من شح في مواردهما المالية؛ وهو ما جعلهما يقبعان في دوري الظلام (الدرجة الثالثة) لسنوات ليست بالقصيرة رغم محاولات القائمين على الناديَين المتعددة.. لكن شح المال كان يقف حجر عثرة أمام تحقيق طموحاتهم. والناديان (الزلفي وطويق) لهما تجارب في الصعود، باءت - مع الأسف الشديد - بالفشل؛ إذ إن نادي طويق سبق أن صعد قبل أكثر من 40 سنة للدرجة الأولى. ونادي الزلفي صعد مرتين غير هذه المرة للدرجة الثانية، الأولى كانتعام 1417 ه، والثانية عام 1434 ه ( في الموسم الرياضي 2012 - 2013 م)، وهبط بعد موسمين فقط. وأخشى كغيري من محبي هذا الكيان أن يتكرر السيناريو نفسه، ويعود الزلفي للمرة الثالثة من حيث أتى إلى دوري الظلام (دوري الدرجة الثالثة). وفي اعتقادي إن صعود فريق الزلفي هذا العام إلى الدرجة الثانية - وهي المرة الثالثة في تاريخه - لا يعتبر غاية لأبناء الزلفي الذين أعرفهم، وأعرف سقف طموحاتهم العالي الذي لا يقف عند هذا الحد.. بل إن هذا الصعود هو وسيلة للوصول إلى مكانة تليق بمحافظة الزلفي وأهلها، وأعني الصعود إلى الأولى، ثم إلى الممتاز، وهذا لا يتأتي إلا بعد توفيق الله - سبحانه وتعالى - ثم تضافر الجهود، كل حسب استطاعته. ولعل صعود الفريق هذا العام يدفع رجالات الزلفي الأوفياء إلى الالتفاف حول ناديهم ودعمه ماديًّا ومعنويًّا حتى يحقق آمالهم وتطلعاتهم بالصعود إلى الدرجة الأولى، ثم إلى الممتاز - إن شاء الله -. وهذا ليس ببعيد المنال، ولا صعب المحال على رجال الزلفي الذين أهيب بهم - وخصوصًا رجال المال والأعمال منهم - لدعم النادي ماديًّا، والوقوف معه في هذه المرحلة المهمة من تاريخه. فالنادي يحمل اسم محافظتكم التي أعرف أنها غالية عليكم، ويهمكم كثيرًا أمرها، وأن تبرز وتُعرف أكثر من خلال شهرة النادي الذي هو بحاجة ماسة إلى وقوفكم ودعمكم.. ولعلنا نعيد الذاكرة لسنوات قليلة، وبالتحديد للموسم الرياضي 1435 ه عندما لعب فريق الزلفي مع فريق الهلال على ملعبه في محافظة الزلفي في دور ال16 من مسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين؛ إذ شاهدنا كيف اكتظت مدرجات النادي التي زيدت من أجل تلك المباراة بالحضور، وكيف سلطت الأضواء على المحافظة وعلى النهضة الشاملة التي تشهدها في المجالات كافة. حدث هذا من خلال مباراة واحدة، فما بالكم - أحبتي أهالي الزلفي الأعزاء - لو كان ناديكم يلعب ضمن أندية دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين.. كيف ستكون شهرة محافظتكم؟.. وكيف ستستفيد المحافظة اقتصاديًّا من الأندية التي ستلعب في الزلفي طوال موسم رياضي. أجزم بأن المحال التجارية والمطاعم والفنادق والشقق المفروشة وغيرها ستستفيد؟.. فضلاً عما ستحظى به المحافظة من شهرة في الداخل والخارج.. كل ما عليكم هو دعم النادي بدءًا من الموسم القادم، وهو في الدرجة الثانية؛ ليصعد إلى الأولى، ثم للممتاز، وفي الوقت نفسه يتم دعم نادي طويق للصعود في الموسم القادم، والوصول إلى ما سيصل إليه شقيقه الزلفي.. وهكذا دواليك؛ وذلك حتى نرى الرياضة في محافظة الزلفي، وخصوصًا على مستوى كرة القدم (معشوقة الملايين)، ترتقي إلى مستوى الطموحات. كما أتمنى أن يكون هناك مبادرة من إدارتَي ناديَي الزلفي وطويق، وذلك بدعوة رجال الأعمال من الأهالي الموجودين في المحافظة وخارجها لزيارة الناديَين، والاطلاع عن كثب على إنجازاتهما في مختلف الأنشطة، والعرض عليهم إمكانية استثمار المساحات المجاورة لنادي الزلفي؛ لتكون مصدر دعم ثابتًا للنادي، وذلك على غرار ما قامت به إدارة نادي الفيحاء بالمجمعة التي استطاعت استثمار أغلب الواجهات المحيطة بالنادي، وخصوصًا أن النادي - أعني نادي الزلفي - يملك منشأة نموذجية جيدة، تشتمل على أغلب الملاعب والصالات الرياضية؛ لكون نادي الزلفي يعتبر من الأندية التي حظيت بإقامة مقر حديث لها من قِبل وزارة الرياضة ضمن اهتمامات الوزارة بإيجاد المنشآت الرياضية الحديثة للأندية التي يتوافر فيها جميع وسائل الراحة للشباب. وهذا في الواقع عنصر مشجع جدًّا لانطلاقة الزلفي نحو المنافسة متى ما توافر له الدعم المالي الذي يعتبر هو العنصر الرئيس لتقدم الأندية وتحقيق طموحاتها. والله من وراء القصد. ** ** - فهد الفهد