عبدالرحمن بن سالم العتيقي من رجالات الكويت قبل الاستقلال وبعده، وتقلَّد المناصب الإدارية والوزارية والدبلوماسية والاستشارية، وقد كسب ثقة أصحاب السمو أمراء الكويت منذ أن توطدت علاقته بالشيخ صباح السالم حتى وفاته -رحمه الله-، وبرز العتيقي في مواقفه الوطنية خلال المنعطفات الحادة في تاريخ الكويت الحديث، ولد -رحمه الله- في شهر إبريل من عام 1928 في مدينة الكويت، وأجداد الأسرة من «سدير» في نجد ولهم أملاك في المجمعة وحرمة وجلاجل والزلفي وغيرها، وللأسرة أوقاف في الحجاز ونجد والكويت. عمل في مقتبل حياته في تموين الأطعمة ثم تموين الأقمشة، وفي سنة 1949م التحق بشركة نفط الكويت، وعمل كمشرف عام على العمال في جميع مناطق التنقيب عن النفط، ثم عمل مع كبار تجار الكويت في أعمال الترجمة التي برع فيها، بلغت سمعته مسامع شيوخ البلاد ومسؤوليها، ومنهم رئيس دائرة الشرطة آنذاك الشيخ صباح السالم الصباح (أمير الكويت لاحقًا) الذي طلبه للعمل معه في دائرة الشرطة كمترجم، ثم أصبح مديرًا عاماً لها، ثم نقله الشيخ صباح معه إلى دائرة الصحة بعد أن أسندت رئاسة دائرة الصحة إلى سموه في عام 1959، ثم أصبح العتيقي مديرًا عاماً لدائرة الصحة والخدمات الطبية، وبعد استقلال الكويت في يونيو 1961م عيّنه الشيخ عبدالله السالم الصباح كأول مبعوث دبلوماسي للكويت لدى منظمة الأممالمتحدة، وثم عاد لشغل منصب وكيل وزارة الخارجية، وبحلول فبراير سنة 1967م دخل الحكومة الكويتية السادسة برئاسة الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح في عهد الشيخ صباح السالم الصباح، وزيرًا للمالية إضافة إلى حقيبة النفط، ومن أبرز ما قام به العتيقي إبان توليه حقيبة المالية والنفط هو قيادة الوفد الكويتي إلى الاجتماع التأسيسي لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط (الأوابك)، والتوصل في عام 1972 إلى اتفاقية المشاركة الجزئية بالملكية في صناعة النفط مع شركتي بريتش بتروليوم وغلف المالكتين لشركة نفط الكويت، كبديل للتأميم، وبفصل المالية عن النفط في عام 1976 بقي العتيقي وزيرًا للمالية لغاية سنة 1981م، حينما ترك العتيقي وزارة المالية، كان قد وضع صندوق احتياط للأجيال القادمة فيه أكثر من 100 مليار دينار كويتي. وبجانب أعماله الرسمية الخارجية في المحافل الدولية السياسية والنفطية والاقتصادية، تجدر الإشارة إلى انخراطه في عدد من الأنشطة الخيرية والاجتماعية، فقد ساهم في تأسيس «جمعية الإرشاد الإسلامي» بهدف تربية النشء الجديد على الأخلاق الحميدة. كما شارك في الجمعية الكويتية لرعاية المعاقين كعضو مؤسس، ودعمها وترأس مجلس إدارتها، فأضحت تملك فروعًا في العاصمة والجهراء والأحمدي والصليبخات، وميزانية تفوق المليون دينار كويتي. ولعل الأستاذ عبدالله المدني هو خير من كتب عن سيرة عبدالرحمن العتيقي في كتاب الأيام. رحمك الله يا أبا أنور تعرَّفت عليه من خلال زياراتي لأبناء العمة عبدالعزيز وعبدالكريم البابطين في الكويت، وقد بهرتني شخصيته، ودماثة خلقه، وعلمه، وسعة فكره واطلاعه، ومواظبته على الصلاة مع الجماعة، وعلاقته الحميمة بمن هم حوله، ?بصماته في كل مكان، مآثره عند الجميع. رحمك الله يا أبا أنور. لن أنسى خروجه من الصف الأول، حيث جلس وجهاء الكويت وفِي مقدمتهم صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، وترجّله لمقابلتي ومعانقتي وتهنئتي بعد كلمتي في ملتقى ابن لعبون الذي أقامه الوجيه عبدالعزيز السعود البابطين، إدراة تركت أبلغ المعنى في نفسي، ونالت إعجاب وتقدير الحضور الذين غصّت بهم قاعة الحفل. وإنا على فراقك يا أبا أنور لمحزونون. ** ** - د. عبدالعزيز بن لعبون