في هذا اليوم نفسه، السابع عشر من شهر رمضان في العام الثاني للهجرة النبوية الشريفة، وقعت غزوة بدر الكبرى إحدى الغزوات التي شارك فيها النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- صحابته الكرام -رضوان الله عليهم أجمعين-، وهي المعركة التي انتصر فيها الحق على الباطل، وانتصر فيها المسلمون نصرًا مؤزرًا، وكانت بمنزلة فتح على الإسلام وأهله. غزوة بدر الكبرى التي سطر فيها المسلمون أروع انتصاراتهم، وتحول فيها الإسلام من الهوان إلى القوة، لها مكانة عظيمة؛ إذ ذكر اسمها في القرآن الكريم، ونزلت الملائكة على جبالها التي تحيط بها من كل اتجاه، وفي جنباتها عاش الحبيب المصطفى محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحابته -رضوان الله عليهم-، وكانت أسواقها أحد أشهر أسواق العرب، وأحد مراكز تجمعهم للتبادل التجاري والمفاخرة قديمًا. وسميت غزوة بدر الكبرى بهذا الاسم نسبة إلى منطقة بدر، وهي بئر مشهورة، تقع بين مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة. وأسباب غزوة بدر التي تعد أول معركة للمسلمين ضد المشركين تعود إلى أن قريش كانت تعامل المسلمين بقسوة ووحشية؛ فأذن الله للمسلمين بالهجرة من مكةالمكرمة إلى المدينةالمنورة، لكن قريشًا استمرت في مصادرة أموال المسلمين، ونهب ممتلكاتهم. وعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن قافلة تجارية لقريش محمَّلة بمختلف البضائع والأموال سوف تمرّ بالقرب من المدينة في طريق عودتها إلى مكةالمكرمة قادمة من الشام؛ فقرر أن يقابل المشركين بالمثل. ودارت بداية تفاصيل الغزوة عند محاولة المسلمين اعتراض تلك القافلة التي يقودها أبو سفيان، ولكن أبا سفيان تمكن من الفرار بالقافلة بتغيير خط سيرها، وأرسل رسولاً إلى قريش يطلب عونهم ونجدتهم؛ فاستجابت قريش، وخرجت لقتال المسلمين. المسلمون عند قدومهم نزلوا قرب كثيب الحنان في العدوة الدنيا، وكانت أرضًا واسعة محمية من جهاتها الثلاث، ثم انتقلوا بعد ذلك إلى موقع آخر، وبنوا عريشًا من النخل في المكان نفسه الذي يوجد في مسجد العريش حاليًا نسبة للموقع، وأمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الليل يصلي ويتضرع إلى الله في الموقع نفسه أن ينصر المؤمنين؛ فأنزل الله سكينته عليهم, ثم بدأ القتال بين المسلمين والمشركين صباح يوم السابع عشر من شهر رمضان المبارك. وبلغ عدد المشركين في غزوة بدر 1000 مقاتل، مقابل 313 مقاتلاً من المسلمين. وأمد الله المسلمين بمدد من الملائكة كما جاء في قولة تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون. إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِين. بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِين}. واستمر القتال حتى ظُهر ذلك اليوم، وكتب الله النصر للمسلمين بعد أن استُشهد منهم 14 رجلاً، وسقط من المشركين 70 قتيلاً، وأُسر منهم 70، وهُزم الأعداء، وغنم المسلمون غنائم كثيرة. ولهذه الغزوة أهمية بالغة مع الانتصارات الكبيرة التي تحققت للمسلمين، إضافة للتأثيرات الإيجابية التي خلفتها في نفوسهم؛ إذ رفعت من معنوياتهم، وزادت في إيمانهم، وقوَّت من شوكتهم، وذاع صيتهم، وهزت كيان أعدائهم، وأصبحوا ينظرون إلى المسلمين على أنهم قوة لا يستهان بها.