ظهر فيروس كورونا في المدينة الصينية ووهان، قبل أن ينتشر خارج الحدود ويصير خطرًا عالميًا، ويعيش العالم هذه الأيام تحت تهديد الإصابة بعدوى فيروس كورونا وسط مخاوف من أن يتحوّل إلى الموت الأسود الجديد الذي يفتك بالملايين من السكان، إذ فشلت البشرية في محاصرته والقضاء عليه ووجدت الإنسانية نفشها عاجزة أمام انتشاره السريع. إن كل حادثة تؤثر في فكر وروح مبدع لرسم تلك المشاهد البصرية والتفاعلات بحلوها من خلال العمل الإبداعي الذي غير مجرى الأحداث وأطلق العنان عند الكاتب أو الشاعر في طرح القضايا الإنسانية التي تلمس القلوب وتخاطب العقول لما تمتع به صدق المشاعر ودقة التعبير عن أحاسيس مختلطة في ظل الكوارث والأزمات. الأدب الذي يعبر عن الحياة والمجتمع كما يحسها الإنسان من خلال وجدانه، وإن المتأمل في الساحة الأدبية، يجد أن جائحة كورونا بدأت تقتحم عوالم القصيدة والقصص والروايات، بل إن الكتابات حول هذا الوباء العالمي تؤسّس لنفسها ما يسمّى ب» الأدب الكوروني»، بالرغم أن تجربة البشر مع هذه الجائحة لمّا تكتمل بعد حتى توجِد لنفسها فضاءً خاصًا، ومن أمثلتها ما كتبه الأمريكي دين كونتيز وتنبُئِه بفيروس كورونا في عام1981م، وقد اشتهر الكاتب الأميركي دين كونتز برواياته التي تحمل طابع التشويق والغموض وتمزج أحياناً بين الرعب والفانتازيا والخيال العلمي. وما يدور حول هذا الوباء من الروايات الكثيرة التي كان الوباء فيها محفّزًا أساسيًا لأحداثها ومجالاً واسعًا لسرد حبكتها مستشهدة بمجموعة كبيرة من الروايات عبر تاريخ بعض الأمراض كما ظهرت رواية «الموقف» في عام 1998م لستيفن كينغ التي تحدثت عن فيروس معد لحروب بيولوجية تقضي على العالم. لقد تناول الكتاب والأدباء الأوبئة والأمراض على مدار التاريخ وحتى يومنا هذا في أعمالهم الأدبية من أفلام الإثارة التي تثير آمالنا ومخاوفنا إلى الروايات العميقة والشعرية التي تكشف عن حالات الإنسان الأليمة. وفي هذا السياق، ظهرت على الساحة الأدبية أعمالاً كثيرة وقد تكون مهمة وخالدة مثل قصيدة «الكوليرا» لنازك الملائكة التي دبجتها في الكوليرا وحصدت الكثير من الأرواح، وكذلك هناك أعمال أدبية في شأن الكوليرا كتبها نجيب محفوظ في روايته المعروفة باسم «المرايا». وهناك «الطاعون» لألبير كامو و»الحب في زمن الكوليرا» لغارسيا ماركيز، وكل هذه الأعمال الأدبية والفكرية تناولت القضايا الإنسانية في زمن الأمراض والأوبئة. واليوم تخرج الكثير من القصائد والقصص التي تتناول فيروس كورونا وأثره الإيجابي والسلبي على حياة الإنسان في عصر العولمة التي تحولت العالم إلى قرية صغيرة، ولأول مرة في التاريخ يوحد الإنسان، فالجميع يهدف إلى الوقاية منه، والجميع يسعى إلى ابتكار علاج يوقف تمدّده وانتشاره السريع. الأدب هو مرآة المجتمع الذي يخاطب العقول والأذهان، الأدب له دور مهم في إيقاظ ضمير البشرية لمكافحة كل ما تعاني الإنسانية اليوم من فيروس كورونا الذي يهدد البشرية كلها دون تمييز على أساس العرق والدين واللغة والبلد. سيحفظ التاريخ أن فيروس كورونا الذي سرعان ما تحول إلى جائحة عالمية في مدة قليلة حتى تركز اهتمام الأدباء والشعراء على الأعمال الأدبية التي تتناول موضوع هذا الوباء بكل تفرعاته مثل الطاعون والكوليرا في الماضي. وهذه الأعمال الأدبية التي تتحدث عن فيروس كورونا ليس من الضروري أن تنتمي إلى تيار أدبي لا علاقة له بالتيمة المذكورة كالوجودية والرومانسية والواقعية السحرية والخيال العلمي. ** ** د. معراج أحمد معراج الندوي - الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها - جامعة عالية ،كولكاتا - الهند