السؤال والمراجعة سنة من سنن الكون التي تدفع الإنسان إلى فهم ذاته وتطوير أدواته في فهم الحياة، وأعظم صور الحياة سمواً ورفعةً تختزل في العلم والمعرفة، ومن هنا فإن هذه الرياح التي تطل علينا وتظهر مراكبها على شواطئ الدراسات العليا في الجامعات السعودية بحاجة إلى تأمل وحسن نظر، وسأركز في مقالتي على جزء من فلسفة الجودة في الدراسات العليا: 1 - جدل المبتدأ. يعد المشروع البحثي مرادفاً لقدرة الباحث على معالجة الإشكالات التي تواجهه في تخصصه، وحتى تنضج هذه الأفكار لا بد من ملازمة لمرشد علمي يحظى بخبرة معرفية وكفاءة عالية تمكنه من تذليل الصعاب، مما يمنح الباحث أرضية صلبة في صناعة مشروعه، وهكذا يتضح أن أهم لبنة في هذه المرحلة تكمن في تمكين الأقسام العلمية للمرشدين وتطوير أدائهم، وذلك بتحفيزهم الدائم نحو تقديم أبحاث علمية في مؤتمرات تقربهم من المتخصصين. 2 - لذة المنتهى هناك فقر في إشاعة ثقافة نواتج التعلم أثناء التعرض لبرامج الدراسات العليا، وربما وقع ذلك بسبب غموض القدرة على القياس في هذه المرحلة، ولعل الاهتمام بالمناقشات العلمية مما يزيل هذا الإشكال، حيث إنها تقيس قدرة الباحث العلمية في اكتساب المعرفة وتحليلها ونقدها، ومن هنا تتعاظم وظيفة الجودة في مراقبة التحديات التي تواجه هذه المناقشات وتحليلها، لتكون حاضرة مرة أخرى في تصور المرشد وتكتمل دائرة المبتدأ بالمنتهى. حينما يتوالى الاهتمام بهذين المحورين ويتم التخطيط لهما ومتابعتهما ثم تحسين أدائهما، نكون حققنا جزءاً كبيراً من نهضة البرامج؛ بالتزامها بمعايير الجودة التي تولي المستفيدين محط عنايتها، لترسو سفينة البحث العلمي على أسس متينة بمنهجيات منضبطة، مانحة الجميع حرية مسؤولة دون تداخل في الصلاحيات أو تهاون في أداء الواجبات. ** ** د. ماجد بن أحمد الزهراني - وكيل كلية اللغة العربية للتطوير في الجامعة الإسلامية