أثَّرت جائحة كورونا سلبًا على الاقتصاد، والقطاع الخاص بشكل عام، وقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة على وجه الخصوص؛ وهو ما حمل الحكومة على تنفيذ مبادرات عاجلة للتخفيف من تداعياتها الاقتصادية والإنسانية والاجتماعية. أكثر من 230 مليار ريال تم تخصيصها لمبادرات، تنوعت بين الإعفاء والتأجيل لبعض المستحقات الحكومية؛ ما يؤكد حرص القيادة على حماية الاقتصاد، ودعم القطاع الخاص، والتخفيف من التداعيات المالية والاقتصادية التي ألمت به. مبادرة الإعفاء من المقابل المالي على الوافدين المنتهية إقاماتهم، وتمديدها ثلاثة أشهر دون مقابل، من أهم مبادرات وزارة الموارد البشرية التي أقرتها الحكومة؛ ما يؤكد الحرص على حماية القطاع الخاص من التبعات المالية الثقيلة في وقت تعاني فيه المنشآت انخفاضًا حادًّا في التدفقات النقدية كنتيجة مباشرة لتعليق الأنشطة الاقتصادية أو تداعيات الحجر، إضافة إلى تفريج كربة الوافدين المنتهية إقاماتهم لأسباب مختلفة؛ ما يضيف للمبادرة بُعدًا إنسانيًّا، لا يمكن تجاهله، خاصة أن كثيرًا من الخدمات الأساسية لا يمكن تقديمها للوافدين دون توافُر إقامة سارية المفعول. منشآت القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة هي الأكثر تضررًا من تداعيات كورونا، خاصة أن فترة صمودها في الأزمات الاقتصادية قصيرة لانخفاض ملاءتها المالية، وضَعْف احتياطياتها النقدية؛ ما يجعلها أكثر حاجة للدعم في الأزمات المؤثرة على أنشطتها وتدفقاتها النقدية؛ لذا ركزت المبادرات - بالرغم من شموليتها - على المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الأكثر حاجة للدعم؛ ما سيُسهم في خفض أعبائها المالية، وحمايتها من التعثر والخروج من السوق، ويحقق الحماية للموظفين بشكل عام، والسعوديين بشكل خاص. قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة من القطاعات المستهدفة بالتمكين، وتفعيل دورها في الاقتصاد، وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وفق رؤية 2030؛ ما يعني أهمية دعمها وحمايتها من التداعيات الطارئة، كجائحة كورونا، وضمان استدامتها بما يحقق مستهدفات الرؤية. تجديد إقامات الوافدين، والإعفاء من المقابل المالي لثلاثة أشهر بشكل عام، ليست المبادرة الوحيدة، بل تزامنت مع مبادرة إعفاء المنشآت الصغيرة، التي يبلغ إجمالي العاملين فيها تسعة عمال فأقل، بمن فيهم مالكها، من دفع المقابل المالي. أجزم بأهمية المبادرة في جانبَيْها الاقتصادي والإنساني، وأهمية المبادرات الأخرى الموجَّهة لدعم القطاع الخاص، وحماية سوق العمل. وهي مبادرات تبرز اهتمام الحكومة، وإصرارها على حماية القطاع الخاص، ومد يد العون له وفق رؤية شمولية محققة للأهداف، تعكس مرونة وزارة الموارد البشرية في تعاملها مع قطاع الأعمال، ومنظومة سوق العمل، بما يحمي المنشآت، ويعزز سيولتها، ويضمن استدامتها، ويدعم نموها، ويخفف من أعبائها المالية، والتزاماتها الثابتة التي قد تتسبب في خروجها من السوق ما لم تجد الدعم الخارجي والاستثنائي في مثل هذه الظروف الحرجة. أختم بالتركيز على فاعلية وأهمية المبادرات الموجهة للتخفيف من تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد والقطاع الخاص بشكل عام، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة على وجه التحديد، وأهمية استنساخ بعضها لكفاءتها، وحاجة قطاع الأعمال لها حتى في الظروف الاعتيادية، وأهمها مبادرة الإعفاء من المقابل المالي، وتحويلها إلى مبادرات دائمة، تعزز من تنافسية القطاع الخاص، وتخفف من أعبائه المالية، وتسرِّع عملية التشافي من التداعيات الحالية التي يُعتقد أن آثارها ستمتد لفترات أطول مما يُعتقد.