كان للأوبئة التي اجتاحت المدن دورٌ فاعلٌ في المعايير التي نعرفها اليوم لبناء البيوت والمباني والشوارع والمتنزّهات- المعايير التي حدّدت شكل المدن الحديثة.لذا أدّى انتشار الكوليرا في لندن في منتصف القرن التاسع عشر مثلاً إلى بدء العمل على شبكات الصرف الصحّي، وكذلك في نيويورك، فقد أدّى المرض إلى سنّ قوانين بناء (Zoning Codes) لضبط الكثافات السكانية العالية في المناطق المختلفة. وفي أغلب مدن العالم تطوّرت أيضاً قوانين بناء تفرض شروطاً صحيّةً كثيرة، كالتهوية، والإضاءة، والمساحات، وغيرها.. هذا على المستوى العالمي أما على مستوى المملكة فقد تصدت وزارة البلديات بالأخذ في الاعتبار عند تخطيط المدن لطوفان من أوبئة الأمراض المزمنة، مثل السمنة، والسكري، والاكتئاب، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والشرايين وذلك بزيادة حجم المساحات الخضراء، من متنزهات وحدائق، وممرات مشاة وملاعب داخل الأحياء ومسارات رياضية وإنشاء وسائل النقل العام وتخفيض مسببات التلوث ومعالجة النفايات والعودة للمدن التي تهتم بالبيئة السكانية، مثل التنمية المستدامة، والاستدامة بوجه عام. ويأتي هذا الاهتمام كنتيجة لزيادة الإدراك بأن معدلات الاستهلاك الحالية لأفراد المجتمعات، وأنماط الحياة العصرية برمتها، يمكنها أن تؤدي إلى العديد من المشاكل المستقبلية. ولكن في أزمة كورونا الحالية ماهي السياسات المقترحة من قبل وزارة البلديات التي تُتبع في تخطيط المدن وتؤثر في الصحة إيجاباً للقضاء على هذا الوباء ومن على شاكلته حالياً ومستقبلاً، فمن وجهة نظري أن تتبنى الوزارة مبادرة ضمن برامج التحول الوطني ووفق الرؤية الطموحة 2030 تهدف إلى تصميم المدن بشكل يأخذ قضايا الصحة والنشاط البدني في الاعتبار. وتعزيز مفهوم الصحة البيئية Environmental Health ، فالأمراض والعلل التي يمكن أن تصيب الإنسان، هي نتيجة اختلال الظروف البيئية المحيطة، المباشرة أو غير المباشرة، مثل نوعية الإسكان، وشكل التطور العمراني، وأساليب استغلال الأراضي، وحتى نوعية وكفاءة الطرق والمواصلات...إلخ، لذلك أتمنى كمتخصص أن تكون وزارة البلديات هي من يقود هذا الفكر وترجمته لخطط وسياسات تنعكس على بيئتنا العمرانية بمدن مملكتنا الحبيبة.... ودمتم بود.