مُستقبلاً لن استغرب من إطلاق مُصطلح (أخلاق كورونا) على من يقوم بتصرّف ينمُّ عن أنانية وعنصرية مقيتة، ويبحث عن مصلحه شخصية وفق رؤية قاصرة وضيِّقة على حساب مصلحة المجموعة أو العائلة أو المجتمع أو حتى الإنسانية، كناية عمَّا عرفه العالم - وما زال- من تهديد للأخلاق وتحطيم للمعايير والقيم الإنسانية، وسقوط مُريع لأفراد ودول وجماعات ومنظمات رسبت في اختبار (فيروس كورونا) الأخلاقي الذي - كشف وما زال يكشف حتى اللحظة- حقائق أخلاقية مُريعة حول قيمة الإنسان في نظر تلك المجتمعات والثقافات والدول التي (سقط الستار) عنها. أطروحات أخلاقية صادمة أحاطت -وتحيط حتى الساعة- بأزمة (كورونا) التي نعيشها حول العالم، بتخلي بعض الدول والأنظمة عن رعاياهم في الخارج بداية الأزمة عندما تقطعت بهم السُبل، إضافة لمعايير اختيار المريض الأولى بالعلاج والتضحية (بالأكبر سناً)؟ تقديم المصلحة الاقتصادية على حماية الإنسان في بعض المجتمعات خوفاً من كُلفة وآثار وضغوط توقف عجلة الحياة والتباعد كشرط للحد من انتشار (الفيروس) على ميزانياتهم، تبادل التهم بسبب حرب الحصول على المُستلزمات والاحتياجات الطبية دون النظر إلى الحاجة الماسة للشعوب والمجتمعات الأكثر تضرُّراً، تخاذل أعضاء المنظومة الواحدة عن مُساعدة بعضهم البعض لتطغى الفردية في التعامل، إثارة بعض الأفراد للإشاعات والكذب ونشر الأخبار الكاذبة، أنانية بعض الفنانين والمشاهير بعدم الالتزام بالمعايير والاحتياطات لمنع انتشار الفيروس وكثرة خرق القوانين والأنظمة، فرض شروط جديدة بحسب العرق واللون والمُعتقد في لحظة مُحزنة لفقدان الأخلاق الإنسانية في بقع وأماكن عديدة من العالم، كانت ترفع راية المُساواة والحرية والتقدم والإنسانية. تلك (الصورة القاتمة) قابلها مواقف عظيمة وكبيرة وإنسانية لدول وأنظمة ومُجتمعات، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي كانت (بلسماً شافياً) وسط هذه الجائحة، بتسطيرها أسمى معاني الاهتمام بالإنسان والعناية به، في قراراتها وأنظمتها ومواقفها الرحيمة والإنسانية والصائبة التي سيحفظها التاريخ بالإشادة والفخر، عندما أرخصت الغالي والنفيس لحماية كل من يعيشون على أرضها الطاهرة من (مواطنين ومقيمين وزائرين وحتى مُخالفين لنظامها)، لصون كرامتهم وضمان صحتهم وحمايتهم، بل وأكثر من ذلك بمد يد العون والمساعدة للمُنظمة العالمية ودعمها مادياً، وقيادة العالم باجتماع قمة مجموعة العشرين لتوحيد الجهود وإيقاظ الضمير الإنساني والتعهد بحماية الاقتصاد الدولي والشعوب الأكثر تضرراً، ودفع عجلة النمو والحياة والتفاؤل بغدٍ مُشرق عقب انتهاء الغُمَّة، وكأنَّ قدر الشرفاء على هذه الأرض أن يتصدون اليوم (لوباءين)، أحدهما (جسماني)، والآخر (أخلاقي). وعلى دروب الخير نلتقي.