كلما تعمق المرء في تتبع المعلومات عن تكوين الدولة السعودية منذ نشأتها يشعر بوجود فجوات وزوايا لم تنل حقها من الدراسة والبحث، وهذا قد لا يكون قصوراً من الباحثين بقدر ماهو قصور من الجهات والهيئات التي يفترض أن توفر المعلومات ذات الصلة بتاريخ الدولة السعودية. وقد يرد السؤال هنا وكيف ذلك؟ فأقول إن من متابعتي المتواضعة لوثائق بريطانية وفرنسية وعثمانية ومحلية وقفت على كم هائل من المعلومات بعضها قد يكون له تأثير في مسار ماكتب إما بالتوضيح أو التعديل أو التصحيح، وهذا الكم الكبير الذي رأيت جزءا بسيطا منه ليس بمقدور باحث أو جملة من الباحثين توفيره، فالتكلفة المادية لتصويرها مرتفعة ثم إن التصوير وحده لا معنى له إن لم يواكب ذلك ترجمة إلى العربية، فكثير من الباحثين المعنيين بتاريخ المملكة قد لا يعرفون إلا لغة أجنبية واحدة، وقد لا يعرفون اللغة التي كتبت بها الوثيقة، أو أن قراءتهم للغة الوثيقة غير دقيقة ومن ثم توفير المعلومات لهم بترجمة هذه الوثائق ترجمة أمينة غير مجتزأة ومبتسرة هو حق للباحثين في ظل وجود جهات تعنى بتاريخ المملكة ولديها الإمكانات المادية للقيام بهذا العمل. والأهم من كل ذلك هو الإتاحة الكاملة لهذه الوثائق بحيث يتمكن من يريد من الباحثين الاطلاع عليها والتعامل مع محتوياتها بحرية كاملة، ولا أظن أن مثل هذه المتطلبات صعبة بل هي يسيرة عندما ندرك أن كتابة تاريخنا المحلي على وجه دقيق وثري وجذاب في حاجة إلى معلومات متجددة وليس الوقوف عند بعض مراجع أو بعض وثائق كثر استخدامها وانتفت الحاجة إليها مع مرور الوقت. إنها دعوة بالإسراع في توفير مثل هذه الوثائقية بتعريبها وإتاحتها للاستخدام من قبل الباحثين المتخصصين للتعمق في كتابة تاريخنا المحلي خاصة مايرتبط بالدولة السعودية.