ترددت كثيرًا أن أكتب رسالتي بعد أن داهم الموت حبيبي وصديقي «محمد الياس»، وقلت لنفسي يكفي أن روحه أتنفس بها وهي تحوم حولي ولم تفارقني فلماذا إذن ولمن ومن يهمه أن يعرف ما بداخلي، وما هي حقيقتي تجاه إنسان يحمل معنى الإنسانية والأخلاق والطيبة والوفاء الجبار الذي قل من يملك حجمه. لكن أبت العادة إلا أن أوجه رسالة وأستصرخ أنيني وبدموعى المنهمرة عبر كلمات لن توفيه حقه مهما كتبت، فهو أكبر من بوح الكتابة والحديث، وقد كان وما زال كياناً لن تتحمله العقول في العطاء والوفاء -رحمه الله. زمن أجل هذه العادة التي يتسم بها الصحفي وقد جرت في دمه الصحافة ودمي أثرت أن أكتب هذه الكلمات البسيطة في حقه. صديقي وأخي «محمد» ها أنا اليوم بعد رحيلك أعلم بأنه لن أسمع رنين هاتفي وسماع صوتك اليوم مُنذ أن احتضنك القبر تحت الترابِ. أبا مُعاذ وقفتُ كذاكرة تقف على شفيرِ النسيان .... اعلم أنه ستمنحُك أفواه الواقفين في أرض السلامِ والمحبةِ والصدقِ والطهرِ والوفاء ليقولوا: عظيمٌ أخذه الموت في أوج عطائه. فالذِكر يبقى زمانا بعد صاحِبه وصاحب الذِكرِ تحت الأرضِ مدفون. يا من كنت أغلى أصدقائي وأقرب روحاً تحوم حولي في كل الأوقات أتنفسها كل دقيقة. رحلت وأخذت معك قطعة من قلبي، لا أبالغ في ذلك، فصداقتنا بلغت أكثر من ثلاثين عاماً كنتَ فيها نعم الأخ ونعم الصاحب رمزاً للوفاء والتضحيات ونبراساً للعطاء بلا منة. حقا يا أبا معاذ لقد أثرت في وجداني تأثيرًا كبيرًا، لا يوجد مكان في ذاكرتي إلا وقد ملأته بالحب والإنسانية ومعاني الخير والتسامح والعطاء يا صديقي وقد كنت أرى أنك الشجرة التي تعانق ظلي. عجز فكري وأبت قريحتي أن تبرز أنيني والتحدث عنك وعن محاسنك وعطاءاتك وأعمالك الخيرية، وقد كنت ولا تزال أكبر من معاني وحروف الدنيا وبكل اللغات وقد امتلأت نفسي حزناً وألمًا يخنقني ووقفت الحسرات مصرةً أن أحتفظ بحزني في صدري ولن أسمح له أن يتبعثر بحروف عبر الأثير أو في الصحف وحتى في المجالس لأنه لن يحسن الظن بك أو يعرفك غيري أو من لمس منك العطاء وكنت نورًا من الوفاء استضاء به البعض. فنم قرير العين يا حبيبي في مضجعك.. وإلى جنة الخلد مع الصديقين والشهداء، رحمك الله يا حبيبي، فإن قدر الطيبين الأوفياء أن يذهبوا سريعًا. ستبقى يا محمد وسامًا وفخرًا لنا جميعًا. ستبقى إنجازاتك يتلألأ بريقها. ستبقى بسمتك شعارًا لنا.. ستبقى كلماتك دروسًا لنا.. ولن أقول وداعًا أخي ورفيق دربي»محمد»، بل أقول إلى اللقاء في عالم أفضل من عالمنا. ** **