دأبت قياداتنا الحكيمة منذ عهد جلالة الملك المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل -طيب الله ثراه- ورحم أبناءه البررة ممن حكموا البلاد وأدوا الأمانة على هدي القرآن الكريم والسنة المطهرة، وعلى خطى الملك المؤسس، دأبوا على التواصل الكريم مع الشعب الوفي الذي يبادلهم الحب والولاء، ويعينهم على النهوض بالبلاد وتطورها وتقدمها بكل مجال، فكانت الزيارات الملكية لا تنقطع عن مناطق المملكة لتفقد أوضاعها واحتياجاتها، والالتقاء بالأهالي والاستماع لمتطلباتهم وأفكارهم. وبمناسبة الذكرى الخامسة للبيعة المباركة نتذكر ما تكرم به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- من زيارات لعدد من مناطق المملكة وبمعيته سمو ولي العهد وكبار المسئولين، وكذا زياراته -أيده الله- لعدد من الدول الشقيقة والصديقة لتوطيد العلاقات الودية ولتعزيز أواصر العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية معها، فيما يخدم البلاد والعباد ويعود لمصلحة الأمتين العربية والإسلامية. الزيارات الملكية الخارجية كما هو الاهتمام بالشئون الداخلية للوطن والمواطن من قبل القيادة الرشيدة؛ فإن الاهتمام بالعلاقات والمصالح الخارجية لا يقل عن هذا الاهتمام؛ بل أثبت ملوك المملكة منذ عهد الملك المؤسس إلى عهدنا الزاهر عهد ملك العزم والحزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين؛ أن المملكة تسير بخطى ثابتة واضحة صادقة بعلاقاتها مع الدول الأخرى، ويتبين بجلاء بكل محفل دولي أن المملكة العربية السعودية تنشد للعالم بأسره الأمن والاستقرار والازدهار، ولا تهمل جانب المصلحة المشتركة بينها وبين الدول الشقيقة والصديقة. ويمكن هنا استذكار جولات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان منذ كان وليّاً للعهد بين العديد من الدول الشقيقة والصديقة وما أثمرته هذه الزيارات من نتائج ملموسة وكبيرة ذات أبعاد مستقبلية، كالجولة الميمونة لآسيا التي بدأت بباكستان مروراً بالهند واليابان وهدفها الأسمى مصلحة الوطن والمواطن، فيما عدت الجولة وما تبعها من زيارات وجولات مباركة نقلة إستراتيجية بما تضمنته من نتاج مثمرة هامة بمجالات متعددة تصب بمجملها في مصلحة بلادنا الغالية ومستقبلها الزاهر بعون الله. ويؤكد الخبراء والمراقبون الإستراتيجيون وعلى ضوء نتائج الزيارات أن الملك سلمان بن عبدالعزيز مفكر إستراتيجي ويتمتع ب(كاريزما) خاصة ويملك مهارات سياسية، إلى جانب مواقفه الإنسانية والخيرية والثقافية، كما يؤكدون أن زياراته -حفظه الله- قد حققت أهدفاً ونجاحات مميزة إقليمياً ودولياً بجميع المستويات السياسية والأمنية والدفاعية والاقتصادية، حيث يمثّل حجم التبادل التجاري مع الدول التي شملتها الزيارات مئات المليارات من الدولارات، وهو ما يؤكد مكانة المملكة ودورها المؤثر بالمجتمع الدولي. توازن واعتدال وثقل دولي تنطلق المواقف السعودية الواضحة على النهج المعتدل المتزن لتجمع بين الحوار وإظهار الموقف السعودي بجلاء بكل محفل دولي ما أثمر قناعات الدول الشقيقة والصديقة بعقد الاتفاقات وبناء الإستراتيجيات الثنائية والإقليمية لما لمسوا من ثبات السياسة والدبلوماسية السعودية الهادئة المتزنة، ويبرهن على هذا النهج توافد زعماء الدول ووفودها إلى المملكة للتواصل والاتفاق المعلن المشروع مع قادة وحكومة المملكة في كل ما من شأنه مصلحة الجميع، كما أثمرت جولات قائد العزم والحزم والزيارات المتبادلة لزعماء وقادة العالم للمملكة عن اتفاقات اقتصادية وعلمية وسياسية ودفاعية ووضع إستراتيجيات صداقة بين المملكة وتلك الدول بمستوى الشراكة القوية المتينة بالمجالات التي تعد حيوية للطرفين. فحوى البيانات المشتركة ولاحظ المراقبون والمحللون السياسيون أن البيانات المشتركة التي تصدر عقب كل زيارة يقوم بها الملك سلمان -حفظه الله- للدول الشقيقة والصديقة تعكس عمق العلاقات ومتانتها بين المملكة العربية السعودية وهذه الدول، كما برهنت على حكمة ومقدرة قائد العزم والحزم على توجيه وإدارة المقاصد والأمور السياسية والاقتصادية، وقيادة دفة حكومته الرشيدة بدراية واقتدار.. كما أكد خبراء سياسيون واقتصاديون ودبلوماسيون بالدول الآسيوية التي شملتها زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز أن هذه الزيارة كان لها أهمية قصوى لرفع مستوى التعاون، وتوطيد العلاقات بين المملكة والدول الآسيوية في كافة المجالات، إلى جانب أن الزيارات قد كشفت بوضوح جهود الحكومة السعودية وشعبها لإرساء الأمن والسلام والاستقرار وتعزيز السلم العالمي. زيارات ولي العهد المكانة والريادة تؤكد زيارات وجولات صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز العربية والدولية على ما تتمتع به المملكة العربية السعودية من ثقل دولي سياسياً واقتصادياً، ودورها المحوري بحل القضايا الدولية، وتأثيرها على الساحة الاقتصادية التجارية حول العالم بما تملكه من إمكانات واقتصاد قوي بوأها المكانة اللائقة بها، ودوماً يعول على هذه الزيارات التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده أهمية كبيرة بهدف توحيد مواقف الدول العربية والتنسيق لحل القضايا السياسية وما يشهده عدد من البلدان العربية من أحداث تتطلب من المملكة والدول العربية التي شملتها الزيارات التنسيق لحل هذه القضايا السياسية الإقليمية والدولية، وقد عكست جولة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بين عدد من الدول العربية مدى أهمية الدور الرائد الذي تلعبه المملكة بالمنطقة، من دعم أواصر العلاقات العربية وتعزيز العمل المشترك خليجياً وعربياً، وحظيت منذ بدايتها بتأييد على المستويين الرسمي والشعبي.. فقد رحب ملوك ورؤساء الدول العربية التي شملتها الجولة بزيارة سمو ولي العهد مؤكدين أهميتها لا سيما في الوقت الراهن، كما أبرزت الجولة مدى الإدراك العربي بمستوييه الرسمي والشعبي للمؤامرات التي تحاك ضد المملكة من ناحية، وضد دول المنطقة من ناحية أخرى ودحضت الجولة تلك المحاولات التي مارستها بعض الأنظمة مستخدمة آلات الدعاية الإعلامية الكاذبة وكشفت إلى أي مدى يدرك العرب أهمية التضامن فيما بين دولهم من أجل مواجهة محاولات تفرقتهم وزيادة هوة الخلافات بينهم تحقيقاً لمصالح قوى خارجية، كما تأتي الزيارة تأكيداً على أن المملكة غير عابئة بالتحركات الخبيثة التي تخطط لها وتمارسها قوى الشر الإقليمية والدولية، وأنها مستمرة بدورها الرائد الداعم لكافة القضايا العربية، ومن قبلها تعزيز أوضاع المواطن السعودي الذي توليه القيادة بالمملكة أهمية ورعاية خاصة، ومجمل المباحثات التي شملتها جولة سمو ولي العهد العربية أكدت أن المملكة ماضية بطريق البناء والتنمية على المستوى المحلي ودعم القضايا المهمة على المستويين المحلي والعربي، وكذلك التعاون المشترك على المستوى العالمي، وهو ما تضمنته مشاركة سمو ولي العهد بقمة الدول العشرين الاقتصادية. صيانة القرار العربي والدولي برزت أهمية جولة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان التي شملت عدة دول شقيقة وصديقة وتوجت بحضور سموه قمة العشرين بالأرجنتين، ثم جولاته اللاحقة بين دول شقيقة وصديقة عدة وحضوره قمة العشرين مرة أخرى باليابان بأنها جاءت بوقت مهم جداً حيث كانت المملكة تتعرض لحملة إعلامية شرسة فأتت الزيارات لتثبت قوة الموقف السعودي الصادق الناصع الذي لم ولن يتأثر بتلك المحاولات البائسة؛ وكون الجولات قد جاءت بمرحلة دقيقة للتاريخ العربي الحديث، حيث إن الأوضاع العربية والمواقف المتعلقة بها لا تشجع القوى العالمية الفاعلة على الإصغاء لكلمات العرب وشرح رؤاهم تجاه قضاياهم، فكانت أهمية زيارات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تنبع من أهمية الدور الذي تبذله المملكة العربية السعودية على جميع الساحات العربية والإقليمية والعالمية، فهي تأتي ومعها هدف نزيه لجمع الشتات العربي وتوجهاته حول قضاياه لا سيما الملحة منها، فيتضح أنها شهدت تنوعاً بين المشرق العربي والمغرب العربي مثل الإمارات والبحرين ومصر وتونس والجزائر وموريتانيا والجزائر، ولهذا فقد حملت جولات سموه دلالات ومعانٍ سامية ورسائل هامة تتمحور حول قضايانا العربية الإسلامية، وفي مشاركة المملكة بقمم العشرين فإن المملكة لا تريد أن تنفرد برأيها ولا بمبادراتها بمثل هذه المحافل الدولية الكبيرة؛ فكانت جولات سموه المباركة تتضمن التشاور لتوحيد الكلمة والصفوف كون المملكة تشعر أنها لا تمثل نفسها فقط؛ إنما من مسؤوليات متوارثة منذ عهد التأسيس فإنها تستشعر المسؤولية المتبادلة بينها وبين الأشقاء فهي بذلك تمثل جميع دول الخليج العربي والدول العربية الشقيقة التي تقدر لها هذا الجهد وهذه المواقف الثابتة العربية الأصيلة، إذاً يستطيع المتابع أن يفهم بأن جولات سمو ولي العهد -حفظه الله- تبعث برسالة للعالم أجمع بأن المملكة العربية السعودية تقود الإقليم العربي فيما يتعلق بالمصالح المشتركة العربية الغربية، ولتؤكد أن العالم ينظر لدور السعودية كدولة ذات نظام سياسي مستقر بالمنطقة يعمل ويساعد على نشر الأمن والاستقرار العالمي، ويساهم باستقرار الاقتصاد الدولي. استضافة قمة العشرين المقبلة لفت سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أنظار قادة العالم والسياسيين والمراقبين لمجريات الأحداث الدولية ومدى الدور الفاعل للمملكة العربية السعودية بتوجيه وبقيادة خادم الحرمين الشريفين وعمل دؤوب من لدن سمو ولي عهده الأمين الشاب المتوقد ذكاءً وطموحاً لا حدود له، وما صنعته المملكة على الساحة الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية ما ولد قناعات وارتياحاً لدى هؤلاء القادة بأن المملكة وقادتها محل للثقة والعمل الصادق الجاد، وبرز لهم ثقل المملكة كركيزة اقتصادية وتجارية على مستوى العالم، وهذا ما كان له الدور في تقريب قادة العالم لقادة المملكة لمحافلهم الدولية المؤثرة واعتبارها عضواً فاعلاً مؤثراً بين مجموعة الدول الأكبر اقتصاداً وسياسة وقوة عسكرية، بل إن هذه الدول قد رحبت بكل ارتياح بعقد القمة الاقتصادية لمجموعة العشرين المقبلة بربوع مملكة العزم والحزم لثقتهم بأنها أهل لذلك ولتكريس استقطابها كعضو أساس بالمجموعة، فهكذا يصنع القادة المخلصون وهو ديدن قائد العزم والحزم الملك سلمان بن عبدالعزيز وكذا سمو ولي عهده المتطلع بشغف لرفع اسم وقدرات المملكة وتطورها لمستويات قياسية غير مسبوقة، وفقهم الله للخير.