اليوتيوب ظاهرة منتشرة غزت مواقع التواصل الاجتماعي، فهو على حقيقته الأشهر والأكبر والأخطر منصة على الشبكة العنكبوتية في آن واحد لأن مهمته رفع ومشاهدة المقاطع المرئية والإذاعات والبثّ المباشر.. وبلمحة بسيطة في مُحرّك البحث الشيخ قوقل نجد تجاوز عدد مستخدميه 1.9 مليار مستخدم شهريًا بموجب أكثر من 30 مليون مستخدم يوميًا ويوجد عليه أكثر من 50 مليون صانع محتوى بين قنوات ترفيهية تعليمية إخبارية وأفراد هادفة وساذجة وهكذا متذبذب الرؤى مشتت المحتوى شئنا أم أبينا وابتلينا بالكثير من هذا القنوات على اليوتيوب والشيء اللافت في هذا الأمر عدد المستخدمين خرافي وغير عادي، فكيف بعدد المتابعين إذًا؟! الآن نبدأ: استكمالاً للمقال السابق حول قنوات اليوتيوب في الفضاء الإلكتروني واستثمار القنوات التلفازية لها ولأصحابها إعلاميًا واجتماعيًا واقتصاديًا، نلقي الضوء هنا على أهمية ذلك ثقافيًا من خلال الأندية الأدبية وكيفية التعامل مع اليوتيوب كقناة تواصل مهمة من خلال متابعي تلك الأنشطة التي تقيمها في قاعاتها واستثمار الثقافة والأدب في الترويج لندواتها وأمسياتها ومحاضراتها إعلاميًا وهذا ما يهمنا! 16 ناديًا أدبيًا في المملكة في كل نادٍ منها كثير من الفعاليات والأنشطة والمحاضرات والندوات يقيمها هنا وهناك والعجيب أن مسؤولي تلك الأندية يشتكون من قِلّة الحضور مع إيماني الذي لا تشوبه شائبة أن الثقافة والأدب على وجه الخصوص يحتاجان إلى النخبة القليلة، لأن قليلاً بفائدة خير من كثير كزبد البحر، ولكن المشهد الثقافي الآن اختلف مرتادوه فأصبحت النسبة الكبيرة منهم الشباب الواعي المثقف الذي يعلم ما يدور حوله بحكم الانفتاح الإعلامي بدخوله السوشال ميديا فضاءً إلكترونيا على الشبكة العنكبوتية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومنها قنوات اليوتيوب وهنا بدأ هذا الإيمان لديّ يتضعضع ويتناقص حتى أيقنت أن هذا الشبح الإلكتروني هو الوسيلة التي تجذب الجميع وأن الاختلاف فقط في التوظيف والترشيد والاستثمار والتسويق من مؤسسات وأفراد وأنه مهما بلغت من ثقافة وأدب في فعاليات وبرامج الأندية الأدبية تبقى حبيسة القاعات بين جدران ميتة وفرسان منصّات لا يُسْمع سوى صدى أنفسهم وثلّة يتبادلون الابتسامات في تواقيع الكتب الجديدة قبل وبعد الأمسيات وأكبر دليل على ذلك هو تواقيع الكتب التي تتم في تلك المعارض هنا بكل أسف سقطتْ النخبة وظهر الكثير من التوافه والنسبة بين النخبة والتوافه بون شاسع كما بين السماء والأرض ما السبب إذًا؟ لأن متابعي المؤثرين «الحمقى» في مواقع التواصل الاجتماعي بالملايين أما النخبة فلا يتجاوزون الألف على الأكثر، وهنا نقرع الجرس في تلك الأندية من خلال: - الخروج بالفعاليات إلى خارج أسوار النادي. - الاهتمام بكل الثقافة وليس الأدب ومنها المسرح على سبيل المثال لا الحصر. - وهذا الشاهد من المقال - فتح قناة يوتيوبية باسم كل نادٍ تنقل فعالياته وبرامجه مباشرة من القاعة الخرساء إلى الجمهور الإلكتروني الحيّ. - تواقيع الكتب من خلال شبكات مواقع التواصل لكل نادٍ، والتعريف بكتب النوادي بشكل متصفح إلكتروني سهل وسلس يقرؤه الجميع من كل الفئات. - الاهتمام بالإعلام الجديد ومحاولة استكتاب المشهورين حقًا الذين لديهم فكر ناضج وطرح محتوى هادف إلى النوادي الأدبية. أخيرًا حين حاولت معرفة مواقع التواصل بين الجمهور والنوادي في اليوتيوب فشلت وتأسفت أن تكون الأندية لم تنجح في الطريق إلى اليوتيوب وإن وجد فعلى استحياء سوى ناد الباحة الأدبي! وهنا استعرض ما فعلوه في قناتهم وباقي شبكات تواصلهم مع الجمهور وأنت عزيزي القارئ تحكم: بداية اكتشفت أن هناك كثيرًا من الفعاليات على اليوتيوب، فنادي الباحة ربما أول من نقل فعالياته على الهواء مباشرة وكما أن النادي بادر بنقل مهرجاناته وملتقياته مباشرة ويتابعها المثقفون العرب ثانيًا، العلامة الفارقة عندي أن نادي الباحة معتقد أنه سبق جميع الأندية والمؤسسات والثقافية في إقامة مهرجان شعري إلكتروني في الاحتفال بيوم الشعر العالمي عبر برنامجي الاسكايب والتانقو بمشاركة مباشرة للشعراء العرب من أنحاء العالم.. وبعد ألا تحتاج الأندية الأدبية الآن في رؤية سمو ولي العهد -حفظه الله- 2030 في التماهي معها والسير على خطاها وأن تقدم مشروعًا نخبويًا جماهيريًا تتباهى بجودة الحياة؟! ** ** - علي الزهراني (السعلي)