هي لحظة حانت ولا بد أن تحين، لأنها ساعة موقوتة محتومة لا يعلمها إلا الله وحده، هي تلك الساعة التي إن وصلت لا يردها شيء، فقضاء الله ماضٍ، وقدره لا بد أن يقابل بالرضا، كيف ما كان الشخص الذي ودعناه، فهذه سنَّة الحياة وطبيعتها، ولو كان ذلك الشخص الذي أحبه الجميع هو اللواء/ عبدالعزيز الفغم حارس الملوك. لقد كان الفقيد -رحمه الله- من الشخصيات اللافتة للأنظار، ذا هيبة ووقار، وحسه الأمني رفيع لدرجة أنه صُنِّف من أفضل حراس الزعماء على مستوى العالم، فلكم كان يجيد عمله، ويحترمه، حتى نال احترام كل من اقترب منه أو ابتعد، لأنه رغم أنه حارس الملوك والأمين على حياتهم لم ير نفسه مميزاً عن أحد، فطوال حياته لم يكن يرى نفسه إلا بأنه عبدالعزيز الفغم الذي يؤدي واجبه الوطني في خدمة الملك والوطن تأسياً بوالده اللواء بداح الفغم الذي عمل لمدة ثلاثة عقود في حراسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله. إن الفقيد -رحمه الله- لم يكن شخصاً عادياً بكل المقاييس والاعتبارات، بل لقد كان متميزاً بكل شيء خلقه الله فيه، فهو الحارس الذي لا يغلق عينيه أثناء تأديته لواجباته، وهو الإنسان الذي لم تغيِّره المناصب ولا الرتب، فقد ظل كما هو لكل من عرفه من الناس وزملائه. إن ما حدث لا يمكن تصوره إلا بأنه القضاء والقدر الذي لا يمكن لأحدٍ توقّعه، ولا يمكن لأحد رده، فالله تعالى يقول: {وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا} والأجل لا يستثني أحداً، فكم من محبوبٍ فارقنا، وكم من عزيزٍ في الثرى واريناه، ولا يبقى في نهاية المطاف إلا وجه الله الباقي وصدق الله تعالى حينما قال: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}. لقد كان نعم الرجل ونعم الضابط ونعم الحارس، فلا نملك إلا أن نقول {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. إن التاريخ لن ينسى الموقف الإنساني الذي سجَّله والد القاتل الدكتور مشعل آل علي حينما غرَّد وحضر عزاء الفقيد وأثبت من خلال هذا الموقف أن المصاب واحد والوطن أغلى من الجميع. حفظ الله المملكة ومليكها وولي عهد مليكها وأمنها واستقرارها ورجال أمنها ومواطنيها من كل سوء ومكروه.