حدث هذا أمام عيني ، كل شيء كان سريعًا وغريبًا ومفزعًا إلى عمق مخيف ! في صبيحة يوم ما تناقل الأعضاء خبرًا يظنونه مهمًا، والمصدر الموثوق هنا هو (يقولون)! بدأ الموضوع كخبر منقول، احتشد الأعضاء الذين كان عددهم يناهز الألفَ عضو، وبدأت الردود تترامى على مقصورة التلجيرام ! وأخذ الوطيس يُحمى، هناك من ندد وهدد وهناك من شكى وبكى وهناك من علا صوته وتلاحقت أنفاسه وهناك من يحلل ويفند ويؤرخ بالأدلة والأرقام وجه نظره وعلى أثر الأصوات المتتالية من الأعضاء من أصيب بأزمة هم ومنهم من انطلقت من قلبه الآهات ومنهم أخذ يشتم ويلذع على الهواء مباشرة ! كانت هناك أصوات داعية للتروي وعدم الاستعجال فلم يصدر بيانٌ رسمي بخصوص هذا الخبر! لكن هذه الأصوات الحقيقية ابتلعها المحيط الهادر بالإشاعة المُتناقلة ! أخذ عدد الرسائل يتنامى ويتجاوز 700 رسالة، ويقفز في أحيان إلى 900 رسالة، تعالت أصوات شامتة مُقرعة زادت الطين بلة ونفخت في جمرات الموجة المتعالية ! كان الوضع عبارة عن غضب، عدم تصديق ودافعٌ رئيسي وهو الخوف ومعه الجهل ! على الضفة المقابلة وهي الرسمية كانت الأمور مستتبة والأوضاع تأخذ مجراها الطبيعي، وهناك بعد موجة الغضب والهدير والعويل ارتفعت الأصوات من جديد بطلب بيان رسمي من الجهة المخولة! بعدها بدقائق وصل البيان الرسمي المنتظر والذي ينفي ما نتاقله جمهور الواتس والتلجيرام من مصادر مزيفة يعود كلها إلى مصدر واحد وهو «يقولون» عندما انتهى هذا الأمر كنتُ أسأل نفسي سؤالاً: هل أصبح مصدر (يقولون) رافداً من روافد تعليم المجتمع ومعين لأخذ المعلومات؟ كم من الأمور السقيمة يقف خلفها مصدر مزيف مشبوه لا يعتمد بصورة واضحة وشاملة على أسس حقيقية ؟ مصدرُ جميع الآلام هو الجهل، وكلما كان الجهل موجودًا كلما وجد بيئة خصبة ينمو ويترعرع فيها، وكل موجود يحيا.. كم نحن بحاجة إلى الوعي في خطواتنا وأن نكون جديين حول ما نتناقله ونسمعه ونرويه، وأن نتأكد من معلوماتنا أن تكون صافية خالصة من الشوائب قبل أن نشاركها الآخرين.. لو فعلنا هذا كم من الأمور السيئة ستختفي!؟ ** **