لا شك بأن مهمة الإعداد والتحرير لأي مصدر من المصادر الإعلامية سواء أكانت مرئية، مقروءة أم مسموعة هي إحدى الأركان الرئيسية لبناء الهيكلة الصحافية بشتى أنواعها، وأقصد بذلك حين يكون لدينا خطة حوارية مع ضيف ما. فعندما تقرّر عمل استضافة يُفترض أن تُلم كمعد أو مقدم بمعلومات كافية عنه، على أقل تقدير يجب أن يكون لديك خلفية عنه وعن المادة التي يقدمها وعلى أساسها كانت هذه الاستضافة أو الحوار، فلن تتكبد أي جهد إن حاولت النقر عبر محركات البحث بكتابة اسم هذا الضيف وتستطيع سؤاله عندئذ عن بقية الأمور التي لم تستطع التوصل إليها بالبحث، لكنك حينها ستكون اجتهدت وقمت بما يفترض أنه من صميم مهنتك. للأسف هناك الكثير من المعدين والصحفيين يفتقرون لهذه الأساسيات التي تُعتبر من أبجديات العمل الصحفي، فنجده حين اتصاله بالضيف يطلب منه سيرة تعريفية عنه وعما يقدمه وهذا مثير للتساؤل! فإن كنت لا تعلم من هو ولا تعلم شيئًا عن المحتوى الذي يقدمه فعلى ماذا بنيت هذه الاستضافة؟ هل الغرض ملء الفقرات بمادة أيًا كانت؟ كذلك حين يكون لديك حوارًا مكتوبًا في إحدى الصحف وتفاجأ بأسئلة سطحية بديهية مكررة من الصحفي وبطلبه لسيرتك الذاتية ونبذة عن الخبر الصحفي الذي يود طرحه، بل قد يذهب البعض منهم إلى أبعد من ذلك بأن يطلب منك كتابة مقال كامل عن هذه المادة ويكتفي بترتيبها وتنميقها ببعض المانشيتات المثيرة للجدل ليحصد أكبر عدد من القراء للمقال الذي قمت بكتابته عنه. فأين عمله الصحافي إذاً؟ فهل لا يزال لدينا من يتقنون هذه المهنة؟ الجواب: نعم، ولكنهم قلة. صادفت منذ فترة قريبة صحافية كانت تود إجراء حوار صحفي معي حول كتابي، ولفت نظري اهتمامها بأدق التفاصيل. فلم تطلب مني ما طلبه الكثيرون غيرها بأن أعطيهم نبذة عن الكتاب ومحتواه، بل طلبت مني أن أدلها على الطريقة للحصول على الكتاب لتقوم بقراءته كاملًا قبل إجراء الحوار. كذلك طلبت أن تتواصل معي عبر برنامج دردشة كتابية عوضًا عن إرسال أسئلة حوار جاهزة لأجيب عليها وعندما استفسرت منها (بإعجاب) عن سبب طلبها للدردشة جاءني الجواب الأجمل بأن الدردشة ستخلق المزيد من الأسئلة التي ستكون بناءً على إجاباتي. يا الله، ترى كم بقي لدينا كهذه الصحافية؟ فهل مهنة الصحافة بخير حتى الآن؟ ** **