توفيت الأميرة الجوهرة بنت عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود. من بيت (آل جلوي) المعروف بالشجاعة والفروسية والحزم والشدة على المخالف، ابنة الأمير (عبدالعزيز بن مساعد) أحد الأركان التي بُنيت عليها الدولة السعودية الثالثة وابنة خال الأمير محمد وشقيقه الملك خالد وزوجة الأمير نايف بن عبدالعزيز ووالدة كل من: 1 - الأمير سعود أمير المنطقة الشرقية. 2 - الأمير محمد بن نايف. 3 - الأميرة نورة. 4 - الأمير سارة. والأميرة الجوهرة شقيقة كل من: 1 - الأمير عبدالله أمير الحدود الشمالية الأسبق. 2 - الأميرة منيرة والدة الأمراء خالد وفهد وفيصل وتركي أبناء الأمير سلطان. 3 - الأميرة العنود والدة الأمراء فيصل ومحمد وسلطان وخالد أبناء الملك فهد. 4 - الأميرة سارة زوجة سعود بن عبدالله بن جلوي أمير الشرقية الأسبق. أخوالها: آل بتّال، من الملاعبة من مطير، ووالدتها: طرفة بنت مساعد البتّال، تزوجت من والدها عام 1339ه، وأسرة البتّال موالية ومناصرة للدولة السعودية من قديم، فقد كان (بتّال) قائد جيوش الدولة السعودية في عُمان، وتوفي وهو في طريقه إلى الوشم برفقة الإمام تركي عام 1244ه في وباء (أبو زويعة) الذي تفشَّى في تلك المنطقة وذهب ضحيته جمع من مرافقي الإمام. وكان عبدالله بن بتّال جندياً شجاعاً وقائداً مخلصاً في الدولة السعودية الثانية حتى قُتل في معركة (جودة) 1287ه تحت اللواء السعودي. ولما نادى الملك عبدالعزيز للجهاد، كان مساعد بن بتّال وجمعٌ من أبناء عمومته من أوائل من لبى نداءه من أهل العارض، ولم يتخلفوا عنه، وقُتل مساعد في معركة البكيرية عام 1322ه، وأما محمد بن بتّال فقد تولى مناصب إدارية في الدولة وشاركها مسيرة البناء، ومن ذلك إمارة القطيف ثم المجمعة ثم القصيم، وغيرها. زواجها: تزوجت من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز في بداية السبعينيات الهجرية، وقد تولت الأميرة حصة الأحمد السديري -والدة الأمير نايف- تجهيز بيت الأميرة الجوهرة؛ فقد كانت الأميرة حصة تحمل لِبنات الأمير عبدالعزيز بن مساعد الكثير من المحبة والتقدير وتردد دائماً: الأولاد أولادي والبنات بناتي. وكان زواجها مع أختها الأميرة لولوة زوجة الأمير فهد بن محمد بن عبدالعزيز في ليلة واحدة. وفاتها: توفيت فجر الجمعة الموافق 2 من ذي القعدة لعام 1440ه، وتمت الصلاة عليها مغرب يوم الجمعة في المسجد الحرام. غفر الله لها، وأسكنها فسيح جناته، وألهم ذويها الصبر والسلوان. عرفت الأميرة الجوهرة بالتدين والسمت والعفاف والحياء والاحتشام طوال سني حياتها وكانت نعم المرأة المكتزنة بحفظ اللسان وتكره ذكر أحد في حال غيبته، صوّامة، قوّامة، حافظة لبيتها، واصلة لرحمها، مكرمة في عطائها،كثيرة الصدقة، لا تعرف القل، لا تبقي في يدها شيء، نعم الزوجة، والأم. ونعم المربية، عاشت حياتها مقبلة على كل ما يزيّنها تقرباً إلى الله والدار الآخرة، يلهج لسانها بذكر الله، ويترطّب بدعائه في السراء والضراء، ويترقّق قلبها كلما سمعت آياته وقرانه، تخشع لذكره، لم تلتفت لزينة الحياة الدنيا وزخرفها، وملذاتها، ومباهجها، ولم تغتر بمفاتنها، بل انكبت على كل ما يعلي درجاتها، ويثقل ميزان حسناتها، عند خالقها، وهي على هذا النحو حتى وفاتها - رحمها الله رحمة واسعة وجعل الجنة مثواها وأسكنها الله عالي الجنان. وكانت - رحمها الله- من فضليات نساء البيت السعودي الكريم، لها من المكانة والسمو والتقدير عاشت طوال حياتها جوهرة كنقاء اسمها، وماتت جوهرة عفيفة تقية لتكون قدوة لكل من عرفها من بناتها وحفيداتها وأقاربها ومعارفها، بل ولكل النساء اللائي عرفن سيرتها وجلائل أعمالها، فهي الجوهرة المصونة التي عاشت وماتت بستر، وعفاف، وحياء، وهي التي أرادت اختيار الله ورسوله والدار الآخرة، وحافظت على هذا النهج القويم ولم تفتر عنه، ولم تغفل دونه، وجاء حين تصوم يوماً وتفطر، يوماً، فكانت على هذا الحال وقتاً حتى رقَّ لحالها الأمير نايف -رحمه الله - وحاول إقناعها بالتخفيف رحمةً بها ولصحتها فلم تجدِ محاولاته، فطلب من فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز الاتصال بها لعله ينجح في إقناعها، ففعل، إلا أن ردها كان كما نقله لي الشيخ محمد الموسى مدير مكتب سماحته والذي ذكر لي تلك الرواية ونصه: (تجاوز الله عنا وعنك يا شيخ أنا ما خالفت أمر الله وقادرة وأصوم اليوم اللي ما يكون فيه الأمير عندي)، فأكبر الشيخ ردها ودعا لها بالقبول وأثنى عليها - رحمه الله-. تلك هي البقية من النساء اللائي عرفن حقيقة الحياة الباقية فعملت لها، فأدت فرضها، وصامت شهرها، وأطاعت زوجها، وحفظت بيتها، ووصلت رحمها، فنسأل الله لها الجنة ونعيمها. وهي المرأة التي عرفت بالإنفاق في وجوه الخير، وتكثر من بناء المساجد وكان منها بناؤها جامع التوحيد بحي الفلاح بمدينة الرياض، وتجد في ذلك راحة وسعادة وتدعو الله القبول وأن يكون عملها خالصاً لوجه الكريم، وكانت من عادتها في كل عام أنها ترسل زكاة مالها للشيخ ابن باز ليقوم بتوزيعها على مستحقيها، وكانت - رحمها الله- من أهل الفضل، ولا تعرف القل في عطائها وبذلها المستمر وكانت لا ترد أحداً من نوالها، وكانت حريصة أشد ما يكون الحرص على كتابة وصيتها منذ سنوات مبكّرة وكانت تتعهدها، وتجددها، وقد أوعزت لمفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن باز كتابة وصيتها هي وشقيقاتها: الأميرة منيرة والدة الأمير خالد بن سلطان، والأميرة العنود والدة الأمير فيصل بن فهد، رحمهم الله جميعا،حقاً إننا فقدنا الإنسانة قبل الأميرة، والجوهرة النفيسة التي تلألأت بجواهر الفضائل والأخلاق، والحياء والاحتشام، وأصبحت مثلاً للعفة والطهارة والستر والفضيلة نسأل الله أن يرحمها وان يتجاوز عنها وأن يدخلها الجنة لقد كانت الأميرة حصة الأحمد السديري بعيدة النظر عندما اختارت ثلاثاً من بنات الأمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي لأبنائها: الملك فهد، والأميرين سلطان ونايف ليقينها البالغ ومعرفتها التامة بمدى التربية القويمة التي تلقينها في بيت والديهن فكل واحدة منهن عرفت بالتدين، والعقل والاتزان، والصلاح، وحسن التدبير منذ وقت مبكر، فكانت ترى فيهن الزوجات الملائمات، فقامت بخطبتهن لأبنائها، فكانت لهن الأم بعد انتقالهن لبيت الزوجية، ومن بينهن الأميرة الجوهرة التي وجدت في الأميرة حصة الأم الحنون التي احتضنتها ووفرت لها كل الرعاية والاهتمام مثلها في ذلك مثل شقيقتيها: منيرة والعنود. وعزاؤنا لأبنائها الأمراء سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية، والأمير محمد بن نايف، والأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية ولبناتها، وأحفادها وحفيداتها، والأسرة المالكة الكريمة.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. ** **