ديدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الانحياز إلى مواطنية في كل ما له علاقة برفاهيتهم، والخدمات المقدمة لهم من الوزارات الخدمية على وجه الخصوص؛ لذا لم يكن مستغربًا تأكيده خلال استقباله أمناء المناطق ورؤساء البلديات والمجالس البلدية وكبار مسؤولي وزارة الشؤون البلدية والقروية؛ على أهمية رفع مستوى الخدمات البلدية لتحقيق تطلعات المواطنين والمقيمين، وبما يتماشى مع ما تقدمه الدولة من اهتمام ودعم كبير للقطاع التنموي والبلدي. تعتبر مخرجات وزارة الشؤون البلدية والقروية الأكثر التصاقًا بالمواطنين؛ لذا يمكن أن تتحكم في تشكيل المؤشر القياس الشعبي لأداء الحكومة وليس الوزارة فحسب. فجودة الحياة التي تأخذ حيزًا مهمًا من رؤية 2030 لا يمكن تحقيقها بمعزل عن الخدمات البلدية التي تشكل الجزء الأهم منها، بل أجزم أنها الأكثر تأثيرًا في مؤشر الرضى لدى المواطنين والمقيمين والسائحين على حد سواء؛ وهو ما تعتقده القيادة التي هدفت من تغييرها الأخير في حقيبة البلديات؛ إلى إعادة هيكلتها لتكون أكثر قدرة على تحمل أعباء التغيير وتحقيق أهداف الرؤية التنموية وتحفيز العمل وفق منظومة إدارية قادرة على تسريع عجلة البناء والتنمية، وتحفيز الاستثمارات، وتحقيق الاستدامة المالية، وتعزيز النزاهة. قد تكون آلية تشكيل المبادرات التنموية وتقديمها للحصول على الاعتمادات المالية وفق متطلبات العمل المنهجي، من المعوقات التي تواجهها كثير من البلديات، ما يتسبب في حرمان المحافظات من المشروعات التنموية، ويحدث تفاوتًا في حجم الميزانيات المعتمدة، ويتسبب في تأخر استكمال الخدمات، والفجوات التنموية. كما أن تصنيف البلديات ربما احتاج إلى مراجعة للتأكد من توافق التصنيف مع أعباء المحافظات التشغيلية والتنموية، لما في ذلك من انعكاسات مباشرة على حجم الميزانية وعدد الموظفين ونوعية تخصصاتهم، وربما الصلاحيات التي تعتبر ركيزة العمل الإبداعي. وأضرب مثالاً ببلدية محافظة الجبيل ذات التصنيف البلدي (ب)؛ والذي يقل عن تصنيف المحافظة المدرجة ضمن الفئة (أ) وفق نظام المناطق. أعتقد أن التصنيف البلدي لم يأخذ في الاعتبار تصنيف المحافظة، كما أنه لم يراع المتغيرات الكبيرة التي طرأت على محافظة الجبيل ومنها المتغيرات الجغرافية والبشرية والتنموية والاقتصادية. حيث تبلغ مساحة المحافظة 6479 كيلو متر مربع، ويناهز عدد سكانها 500 ألف نسمة، وتحتضن ثلاثة موانئ كبرى وأهم القطاعات الصناعية الوطنية ومحطات التحلية التي تغذي الرياض والقصيم. وتتنوع قاعدتها الاقتصادية حيث الصناعات البتروكيماوية والتعدين وصناعة السفن العملاقة، وهي القطاعات الأهم بعد النفط. يفترض أن تحظى بلدية محافظة الجبيل بوضع تنموي استثنائي بسبب قربها من مدينة الجبيل الصناعية التي تشرف عليها الهيئة الملكية. قدرات الهيئة المالية والبشرية والتخطيطية أحدثت فجوات تنموية كبرى بين المدينتين، ما يستوجب ردمها بشكل عاجل، وأحسب أن ترقية بلدية الجبيل ربما أعطاها قدرة أكبر على تحقيق ذلك الهدف، كما أن توحيد التصنيف بين المحافظة وبلديتها أمر مهم لتحقيق الأهداف التنموية وتحمل الأعباء الخدمية، وهو ما نرجوه من معالي الوزير، وأمين المنطقة الشرقية.