(مخرج للطوارئ) كتاب صادر حديثاً عن (نادي جازان الأدبي) وبالاشتراك مع (الدار العربية للعلوم ناشرون) للأستاذ الشاعر إبراهيم زولي, وهو أحدث إصدار تم نشره له. وقد اشتمل هذا الكتاب على عدة (مقالات مطولة) متنوعة المواضيع، امتزجت فيها عدة أجناس نثرية، من مذكرات أو سيرة ذاتية, ومشاهدات وآراء نقدية حول (الكتابة) ومفاهيمها وفنياتها ودوافعها بوجه خاص، والمشهد الثقافي بوجه عام، وتلك العوامل المؤثرة فيه، وأهميتها في البنية الأساسية لتشكل الوعي والإبداع، والإشكاليات التي يواجهها المبدع. وقد فسر الكاتب المؤلف عبارة «نصوص مفتوحة» التي جاءت كعنوان فرعي لمادة كتابه هذا وعلى غلافه الخارجي بأن «المقصود بها عدم قابلية هذه النصوص للتجنيس أو التصنيف الأدبي». وأنها «تحاول إعادة الاعتبار للنثر والإعلاء من شأن التفاصيل الصغيرة، نصوص تحاول مزج كل الأجناس من السرد إلى السيرة وكتابة المقالة وحتى التعاطي مع الكتب التي قرأتها، والكتابة عن بعض الوجوه الثقافية في مشهدنا المحلي وعن بعض الشعراء العالميين الذين أحببتهم، وهي بالطبع ليست كتابة نقدية رصينة، وإنما قراءة لها بشكل إبداعي وتداخل مع تجاربهم...». ولذلك أعتقد أن (مخرج للطوارئ) يمثّل متنفساً للشاعر إبراهيم زولي, خارج المناخ الشعري الذي عرفه الناس من خلاله, كشاعر ذي تجربة شعرية طويلة تمتد لثلاثة عقود أو ما يزيد عنها بقليل, كأحد الأسماء الشعرية البارزة، لجيل (ما بعد الحداثة) من الشعراء السعوديين. ويعد هذا الإصدار - بالنسبة لزولي - بمثابة (تغريدة خارج السرب) وخروج عن إيقاع القصيدة العمودية والتفعيلية والنثرية ورتابتها المؤطرة لرؤية المبدع، إلى حيث عوالم إبداعية جديدة, وفضاءات تعبيرية أخرى، أكثر مرونة وأوسع أفقاً. وقد أشار الكاتب إلى هذه النقطة في الصفحة (رقم 11) من الكتاب، بقوله: «... الكتابة موعد مع الغياب, أو هي مكوث بانتظار جودو وقريبة من البحث عن وليد مسعود. قد تأتي وقد لا تأتي. الأوراق, وستة عشر بحرا, وارث هائل من قصائد النثر، وقلم دون غطاء, ولوحة مفاتيح شاهت حروفها بالنقر المتتالي من سبابتك اليسرى. كلهم يتأهبون, لكنها قد لا تجيء..».