أكد محلل السندات بصحيفة «الجزيرة» أن إصدار ال12 مليار دولار ل«أرامكو» في ذاكرة «أسواق الدخل الثابت» ستبقى لعقود طويلة وسيتحدث عنه الجميع بسبب الأحداث الاستثنائية التي واكبته والتي شملت طلبات اكتتاب تعدت حاجز ال100 مليار دولار، مؤكدًا أنه لن ينسى الإصدار الذي روج له مشاهير «وول ستريت» وصرفيوها في نيو يورك إبان الجولة الترويجية، حيث يكفي أن نعرف أن شريحة السندات الثلاثينية التي يحين أجل استحقاقها في 2050 قد حصلت على أعلى طلبات الاكتتاب من بين الشرائح الأخرى وذلك بطلبات وصلت إلى 27 مليار دولار، وهذا يعني أن المستثمرين يراهنون على السعودية الجديدة وإصلاحاتها الاقتصادية، مع نظرة إيجابية كذلك للقطاع النفطي، أضف إلى ذلك أن آجال ال10 و20 وال30 سنة قد جذبت لوحدها طلبات اكتتاب تصل إلى 70 مليار دولار في تأكيد على ثقة المستثمرين برؤية 2030 وما تحمله من إصلاحات اقتصادية. المستحيل ممكن وقال محمد خالد الخنيفر، المصرفي المختص في أسواق الدين والائتمان: إنه قبل الإصدار كان المراقبين يجمعون أنه أقرب إلى المستحيل أن تسعر شركة مع باكورة إصداراتها داخل منحنى العائد السيادي. لذلك نستطيع أن نقول إن «أرامكو» أنجزت أمرًا نادرًا عندما جعلت المستحيل ممكنًا وذلك عبر مخالفة الأعراف التقليدية لأسواق الدخل الثابت عبر التسعير داخل المنحنى الحكومي وذلك ما بين 10 إلى 25 نقطة أساس (في سابقة تاريخية يندر تكرارها). على سبيل المثال السندات الخمسية ل«أرامكو» تم تسعيرها بعائد 2.87 في المائة مقارنة مع عائد 2.99 في المائة للسندات السيادية. الجسارة التسعيرية وأكد الخنيفر على أهمية التصنيفات الائتمانية تكمن وتتيح للمستثمرين مقارنة وتقييم جودة الإقراض لمصدري السندات، إضافة إلى تحديد نطاق الهامش الائتماني لجهة الإصدار. لذلك نقول إن التسعير الذي حصلت عليه «أرامكو» يتماشى مع تصنيفات (AA)، بعبارة أخرى تلك الجسارة التي رأيناها تتمثل في ضغط الهوامش الائتمانية لمستويات استثنائية، مؤكدًا أن المستثمرين ينظرون ل»أرامكو» على قدم المساواة مع سندات شركات نفطية أعلى من تصنيف «أرامكو» بدرجة أو درجتين، حيث تملك «أرامكو» بوجهة نظر المستثمرين سيولة نقدية توازي المملوكة للشركات الحاصلة على اعلى درجة في التصنيف الائتماني. جدل التصنيف وأردف محلل السندات أن «أرامكو» حصلت على تصنيف (A+) من فيتش و(A1) من موديز بالرغم من أن الأرباح قبل خصم الفوائد والضريبة والاستهلاك وإطفاء الدين ل»أرامكو» (وصلت إلى 224 مليار دولار) تتجاوز بأكثر من 5 مرات ما حققته شركة أكسون موبيل التي تعمل بالقطاع نفسه والحاصلة على أعلى درجة بالتصنيف الائتماني (AAA)، مشيرًا إلى أن «موديز» قد ذكرت في تقريرها أن «أرامكو» تتمتع بعديد من خصائص الشركات المصنفة في الفئة Aaa، (أي أعلى درجة بالتصنيف الائتماني). لذلك كنا نقول إن «أرامكو» كانت تستحق التصنيف الذي تطمح إليه ولكن بسبب منهجية بناء مكونات التصنيف الائتماني تم انزل التصنيف المُستقل 3 إلى 4 درجات ليكون مماثلاً لتصنيف «سابك» وتحصل «أرامكو» بذلك على خامس أعلى تصنيف من الدرجة الاستثمارية. تأكيدًا للمصداقية وأضاف الخنيفر أنه بالرغم من إجماع المراقبين على أن «أرامكو» ستقوم بتسعير سنداتها فوق تكلفة الحكومة، إلا أننا خالفنا ذلك بالورقة البحثية التي نشرتها صحيفة الجزيرة في العدد 16992 بتاريخ 7 أبريل 2019. حيث ذكرنا «أن هناك من يرى أن «أرامكو» تستطيع أن تسعر سنداتها داخل منحنى العائد السيادي وأرى هذا ممكنًا، شريطة انتهاج سياسة تسعيرية جريئة وكذلك اختيار حجم الإصدار الأمثل (أي حجم إصدار منخفض لكل شريحة من الشرائح الخمس).ولتحقيق هذا الهدف، يجب على «أرامكو» أن تقنع المستثمرين بأن أعظم شركة ربحية بالعالم تستحق تمويلاً منخفض التكلفة تتجاوز فيه التصنيف الائتماني الذي حصلت عليه، مضيفًا أنه عند استعراضنا حينها للتحليل الذي نشره كبار المتخصصين في أسواق الدخل الثابت من «بلومبيرج إنتلجنس» حول فارق الهامش الائتماني بين سندات الدول وشركاتها النفطية التي تكون حاصلة على التصنيف نفسه. الباحثون نظروا إلى سندات شركة النفط الماليزية بتروناس وقارنوا أداء سنداتها مع سندات الحكومة التي من الأجل نفسه. وبناء على التداولات الثانوية فبتروناس (الحاصلة على التصنيف الائتماني نفسه ل«أرا مكو») تتداول فوق المنحنى السيادي ب23 نقطة أساس. وعند تطبيق المنهجية نفسها، سنجد أن «أرامكو» (بعد الأخذ في الحسبان عوامل القوة بالشركة) يتوقع أن يتم تسعير سنداتها ب15 نقطة أساس فوق المنحنى السيادي، بحسب تقديرهم.