لبعض الرحيل.. أو القليل من الغياب الذي يظل يتفيأ حضور الصورة والصوت.. الكلمة والفكرة.. الرسالة والأثر.. العطاء ومواسم الحصاد.. الوسم والرسم.. هكذا يمكن وصف رحيل الصحفي والفنان الفوتوغرافي صالح العزاز - رحمه الله -، وهكذا يتم استدعاؤه من ذاكرة مشهدنا الثقافي، عبر الكلمة حينًا التي لا تزال محتفظة بها ذاكرة الصحافة السعودية.. صحفيًّا وكاتبًا، وعبر كلمات الأصدقاء أحيانًا أخرى، إعلاميين، وكتابًا، ونقادًا وفوتوغرافيين، وعبر امتدادات ضوئه الذي رصد الكثير من مشاهد الحياة اليومية الاجتماعية محليًّا، وعربيًّا، وعالميًّا، من مواقع إعلامية مختلفة، جاءت العدسة مضمارًا لها، ومنبرًا ضوئيًّا، شكَّل من خلاله خطابه الخاص، ورؤيته الفلسفية للأشياء، متخذًا من امتداد الضوء.. فكرة، ومن حركة العدسة.. موضوعًا، ومن اقتناص اللحظة.. فلسفة! لهذا ظل العزاز بعد رحيله كتابًا مفتوحًا على مرحلة من مراحل التحولات الاجتماعية في مشهدنا المحلي؛ ليستحيل على (الغياب) أن يهزم «المستحيل الأزرق»، لا بوصفه كتابًا، وإنما بوصفه مشروعًا، وترجمة ضوئية ل«رحالة» الصورة، صحفيًّا، وكاتبًا، ومؤلفًا.. ما جعل من حضور العزاز في مشهدنا السعودي، لا يزال ملء السمع والبصر.. وما «جائزة صالح العزاز» إلا مشهد (حي) من شواهد حضوره عبر هذه الجائزة التي تهدف إلى أن تكون واحدة من أبرز الجوائز العربية التي تسعى إلى دعم الإبداع في مسارات التصوير الفوتوغرافي، وتنمية قدرات الشباب في مجالات التصوير الضوئي. وخلال الاحتفاء بضيوف وزارة الإعلام ضمن البرامج المصاحبة لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2019 كرم وكيل وزارة الإعلام للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان، والمشرف العام على وكالة وزارة الإعلام للشؤون الثقافية الأستاذ عبد الله الكناني، الفائزين ب«جائزة صالح العزاز» في دورتها الأولى، وذلك خلال الاحتفاء بضيوف وزارة الإعلام. وقد فاز بالجائزة في فئة عش العنكبوت الدكتور سعدي طاهر وفيصل آل الشيخ، وفي فئة التصوير الفوتوغرافي كلا من: نورة العمري، وعبد السلام العمري، وعبد الله الحبردي، وعبد الرحمن صالح، وماجد الدوحان. فيما فاز في فرع البيئة والآثار كل من: مروان الجهني، ومعاذ العوفي. وتأتي الجائزة امتدادًا لمسيرة العزاز التي بدأها مع حمد العبدلي بتأليف كتاب بعنوان: «الجنادرية.. الحدث»، فكتابه «العودة إلى الأرض»، الذي وثق بضوئه أساليب البناء بالطين، ثم كتابه الذي اشترك فيه مع نصوص شعرية للبحريني قاسم حداد الذي صدر بعنوان: «المستحيل الأزرق»، وترجم إلى الإنجليزية والفرنسية، فيما كان آخر المعارض التي أقامها العزاز في الرياض 2001، الذي أقامه بعنوان: (بلا حدود)؛ وهو ما جعل من سيرة العزاز ومسيرته الإعلامية، عبر «جائزته» أيضًا، امتدادًا بلا حدود، امتدادًا لأحد أبرز الأسماء الإعلامية، التي نحتت بعطائها الصحفي الكلمة صوتًا.. وصورة.. لتظل وارفة الحضور لسيرة لا تعرف المستحيل.. حتى وإن تجاوز لونها (الأزرق) لون الغياب!