يعد الحي التراثي المديني أحد الأماكن المميزة في المدينةالمنورة؛ فهو موقعٌ يجسد تراث المدينة المعماري والفلكلوري القديم في المسكن والمظهر والسوق والمكتبة والمقهى. ويتيح معايشة التجربة الاجتماعية المدينية التراثية في قالب ترويجي يحقق الاستدامة ويوفر فرص العمل لأبناء المنطقة في الوقت ذاته، كما يجسّد الهوية الحضارية التراثية والثقافية والاجتماعية لمدينة المصطفى -صلى الله عليه وسلم. يضم الحي عناصر مختارة من النسيج العمراني للمدينة، وهو يعبر عن الالتزام بمضمون مفاهيم التراث العمراني للمدينة، كما يشكل مرجعاً للمختصين والمهتمين بالعمارة الثقافية الاجتماعية المدينية، الذين يحرصون على تقديم إبداعات تنبثق من أصالة الماضي وعراقته. والزائر للحي التراثي في المدينةالمنورة، يلاحظ أنه مغاير تماماً للطابع العمراني المعاصر؛ فهو تجسيد للهوية الحضارية والتراثية والثقافية والاجتماعية للمدينة المنورة. وقد تم تطويره كحي نموذجي يحاكي ما كان عليه الحال قديماً في المدينةالمنورة، مجسداً للكثير من ملامحها العمرانية الرائعة في أحيائها القديمة، وبيوتها، ورواشينها، وهندسة بنائها التقليدي. وتم تشييد الحي التراثي المديني برؤية فكرية تتسم بالأصالة، وتقوم على إنشاء حي تراثي للمدينة المنورة يستلهم هويته من تاريخها العمراني والمعماري، ويحافظ على الملامح العمرانية التقليدية والتفاصيل التراثية بكل مفرداتها الدقيقة التي لا تزال راسخة في أذهان القدماء وكبار السن ممَّن عاشوا قبل نصف قرن وأكثر. ويجد زائر الحي الكثير من منتجات وأنماط التراث المديني. منها محلات العطارة والأواني المنزلية الفخارية، كالزير والجرة من مختلف الأحجام، وكذلك الصحون وقدور الطبخ الفخارية وغيرها الكثير. وهناك الملبوسات والمنسوجات والأحذية القديمة وبعض المشغولات اليدوية التي استعمل في إنتاجها سعف النخيل، والتي طُرزت بأشكال فلكلورية مميزة. وداخل محلات الحي يقف الباعة كلٌ يعرض ما أبدعته يد الإبداع من منتجات حرفة صاحبته على مدى عقود، وقد يكون ورثها عن آبائه وأجداده. هنا نجد محلات النجارة والحدادة والعطور والهدايا، وبعض المحلات التي تتخصص في إعداد الأكلات الشعبية المدينية. إنها بالفعل مشاهد تراثية بانورامية تحاكي البيئة الحجازية المدينية القديمة، وتعيد إلى مَن يراها الماضي بأجوائه الرائعة وذكرياته الجميلة. بكل ما فيه من جمال وتراث، وحضور طاغٍ لروح المدينةالمنورة، كما عرفها التاريخ، يحافظ الحي التراثي المديني على مكانته الفريدة في كونه مصدراً يستلهم منه الزائر تفاصيل التفاصيل لهذا البلد الجميل؛ طيبة الطيبة.