1. هل المبدع كائن محايد أم مؤدلج؟.. أم هو مثل غيره من الناس ينساق مع الجموع دون وعي.. فهو يسير مع تيار المجتمع كيفما سار؟ 2. هناك من يرى أن المبدع بالضرورة كائن مؤدلج.. لأنه مبدع والإبداع مختلف بشكل كبير إما بالفكرة أو الابتكار في اللفظ أو الشكل.. ولأن الإبداع يسير دائماً منفرداً وحده لذلك فهو مؤدلج بالفطرة. 3. وهناك من يرى أن المبدع ينطلق من فطرة بعيدة عن تلويث الأيديولوجيا.. وأن الوعي بالتعدي الأيديولوجي ضروري بالنسبة للمبدع.. والدليل أن التحولات الأيديولوجية أسقطت أنظمة وصروحاً سياسية وفكرية كما أسقطت علوماً وآداباً وفنوناً.. لذلك فالأيديولوجية كفيلة بإسقاط الإبداع إلا إذا استطاع المبدع أن ينأى بنفسه ويبقي مسافة كافية للإبداع. 4. المناهضون لأدلجة المبدع يرون أنه لا إبداع دون شرطين أساسيين هما الحرية والاستقلال.. وإلا لخرج لنا شيء منمط تقليدي مكرر.. فالإبداع يبدأ بفطرته السليمة.. وإذا دخلت الأيديولوجيا يتوقف الإبداع ويبدأ الاجترار فيُقْصي التجديد ويُنْهى عن الابتكار.. ويصبح الإبداع بدعة. 5. يقابلهم من يرى أنه لا إبداع دون أيديولوجيا.. فهي التي تدفع للإبداع بقدر ما تدفع للتضحية.. فالمبدع قد يكون كسولاً أو مهملاً أو منشغلاً بأمور تعيقه عن الإبداع.. لكن الأيديولوجيا هي التي تشعل فتيل العمل في صدره وتضبط التزامه وتدفعه للمثابرة.. وهنا يحصل الإبداع.. فلا بد للمبدع من موقف حتى يبدع.. والموقف لا يُتَّخذ إلا وفق رؤية لا تُكْتسب إلا من خلال خلفية معرفية مؤدلجة.. وهم بذلك يرون أن موت الأيديولوجية هو موت للإبداع ذاته.. فالأيديولوجية هي النبض لقلب الإبداع.. فكل عمل إبداعي هو رسالة لها معنى وتمثّل دعوة قد تكون مُنَاصِرة أو مُنَاهِضة. 6. وأخيراً هناك تيار ثالث يرى أن علاقة الأيديولوجيا بالإبداع هي علاقة تأثير وتأثر.. قد تكون إحداهما معيقة للأخرى وقد تكون مشعلة لها.. وليس حضور إحداهما هو إلغاء للأخرى.. بل إنهما يتغذيان من بعضهما.. ويدلّلون على ذلك بأنك إذا نظرت إلى الإبداع العالمي فستجد أن مصدره إما الأيديولوجيا أو الاحتجاج عليها. 7. الأيديولوجيا طفرة من الشعور الجيّاش الذي يأتي لكنه يذهب.. يعيق لكن لا يُوْقف.