«تجديد الخطاب الديني على ضوء نصوص الشرع الحنيف؛ من شأنه نزع فتيل العنف، والإرهاب»، هكذا علّق عدد من المشايخ، والعلماء في ندوة الجنادرية؛ من أجل أن نصل بتراث الأمة بالعصر الذي نعيشه، ونضيف إليه تراكما - علميا ومعرفيا -، بالقدر الذي يحقق مقاصد الخطاب الديني، وغاياته المنشودة، وعلى نحو يجلي الحقائق، ويدحض الأباطيل، ويفند الشبهات؛ حتى يكون مفهوم التجديد أداة؛ لتبليغ الرسالة الإسلامية، ووسيلة لبناء الإنسان الذي يعرف دينه، وينفتح على عصره. بعيدا عن الانعزال عن العالم، والانكفاء على الذات، ومخاطبة النفس، أو دون توجيه الخطاب إلى الآخرين، فإن التجديد في فهمنا للنصوص أمر ضروري، أثبتت الأيام حاجتنا إليه، مع بقاء حق الاحترام كاملا لاجتهادات العلماء السابقين، وضرورة الاتفاق على الضرورات، والقواعد الشرعية، والمحكمات الدينية الثابتة؛ حماية للضروريات الكبرى، وحفظا للأمن، والاستقرار في الأوطان، وذلك في ضوء ما يحيط بها من أحداث جسام، وما تواجهه من تحديات حضارية، وما يطرأ عليها من شبهات، ونوازل، - إضافة - إلى تأكيد العمل على تحقيق مقاصد الشريعة، ومصالح الناس، ومدهم بقيم النهضة، والرقي، والازدهار؛ مراعاة للسياق التاريخي، واتساقا للخطاب مع طبيعة المجتمع. فكرة التجديد - على وجه العموم - عبارة عن دعوة متجددة، دون التقوقع على مرحلة تاريخية؛ باعتبارها النموذج الأفضل حضاريا، أو الانزواء عن هموم العصر، والانشغال بقضايا فرعية لا تقدم، ولا تؤخر، - خصوصا - في ضوء مستجدات، ومتطلبات، وتحديات الواقع المعاصر الذي لم يعد سمته الجمود، والانغلاق، والانعزالية، والتقليد، بل الحراك، والانفتاح، والإبداع؛ ليستنير المجتهد في صناعة الفتوى بمنارات الغايات، دون أن ينغلق في التفصيلات، لا مناص من التجديد؛ كونه من الواجبات الملحة؛ ولأننا مطالبون - اليوم - أكثر من أي وقت مضى، بأن نسعى إلى نقلة نوعية في الوعي العام، فإن تجديد الخطاب الديني الواعي، والمعاصر، والمنضبط، سيخرجنا من هذا التيه الذي ندور فيه حول أنفسنا، وسيجعلنا قادرين على إيجاد الحلول الشرعية المناسبة لمشكلات الواقع؛ لتأكيد عالمية الإسلام، وصلاحيته لكل زمان، ومكان، بمقتضى: «أن الاجتهاد المتعلق بتحقيق المناط، لا ينقطع؛ حتى ينقطع أصل التكليف، وذلك عند قيام الساعة»، كما يقول الإمام الشاطبي - رحمه الله -.