في مصر أمر القاضي بإخلاء سبيل مُعلم بعد احتجازه لمدة يومين في الزنزانة, بتهمة ضرب طالب وكسر أصبعه, صارخاً في وجه والد الطفل لماذا تسجن أستاذه الذي يُعلمه؟ لولا ضرب مُعلمي لي في الصغر لما أصبحت اليوم قاضياً, الناس اختلفوا حول منح القاضي الحرية للمُعلم لضرب الطلاب بهدف تعليميهم, قضية الضرب في المدارس مثار جدل في كل مُجتمعاتنا العربية تقريباً, لكل منا أسلوبه وطريقته في تربية أطفاله, ووجهة نظره الخاصة حول منح المُدرس الحق في تعليم ابنه وتقويم سلوكه ولو اقتضى الأمر مُعاقبته بالضرب, أو عدم السماح بذلك إطلاقاً؟ بل إنَّ السؤال الأهم أصلاً هل الضرب وسيلة تربية وتعليم صحيحة في المنزل أو المدرسة أو أي محضن تربوي وتعليمي آخر؟ الضرب ممنوع في مدارسنا السعودية فهل منحنا الُمعلم آليات بديلة حاسمة وفاعلة ليُعامله طلابه بالهيبة والاحترام المطلوب, لتهذيب سلوكهم وتربيتهم وتعليمهم بدلاً من تمرُّد بعض الطلاب وإساءتهم لمعلميهم لأنَّهم أمنوا العقوبة؟ خصوصاً ونحن نستقبل الأسبوع المُقبل الاستحقاق الأول لموسم الاختبارات وما فيه من تحديات وأحداث للجانبين؟ هذا الأسبوع وقعت قصة مأساوية في العراق مُتعلقة بهذا الأمر, فقد توفي الطالب حسن العتابي ذو ال9 سنوات, بسبب تلقيه ضربة على رأسه من مُعلمة في المدرسة, المُحزن أنَّ الطالب تمالك نفسه أمام زملائه ولم يبك خوفاً من المزيد من الضرب وظل صامتاً صابراً, وعندما وصل إلى البيت سقط مغشياً عليه ومات, ليؤكد الأطباء أنَّ الوفاة حدثت بفعل ضربة قاتلة على الرأس تلقاها قبل ساعات في المدرسة, قد تحدث القصة في أي مكان وفي أي مدرسة تعليمية, فالآباء يبعثون أبنائهم كل صباح للتعلم, لا لتلقي الركلات والضربات بحجة التربية والتعليم, خصوصاً وأنَّ حوادث عديدة سُجلت نتيجة عصبية ومزاجية بعض المُعلمين وعدم تحملهم سلوك ونشاط وشقاوة الصغار. الضرب له أبعاد خطيرة على سيكولوجية الطفل الداخلية, وقد يؤثر على مسيرته التعليمية ويجعله يعيش في عُقد نفسية, تُشكِّل وتبني شخصية مهزوزة تؤثر على المُجتمع بأكمله, الضرب كما رأينا قد يبعث الطفل من المدرسة إلى القبر, ومن المؤكد أنَّه لن يضمن لنا تخريج القضاة والأطباء والمُهندسين, فإن كان ممنوع في المدارس لآثاره ونتائجه العكسية التي تضرب بالمُجتمع, فكيف هو الحال في البيوت؟ ومن يحمي الأطفال والمُجتمع من بطش بعض الآباء والإخوان والأقارب؟! وعلى دروب الخير نلتقي.