إذا كان عهد الملك سلمان هو عهد التحول الرقمي والتقني فإن وزارة العدل يمكن أن يطلق عليها الوزارة الرائدة بحق في هذا التحول الذي أصبح يغطي اليوم كافة منظومتها العدلية، وفق خطط ومبادرات رقمية ومتطورة وفاعلة تواكبت مع إكمال الوزارة لمنظومة القضاء المتخصص الذي توجته بإطلاق القضاء التجاري ثم تدشين القضاء العمالي والذي أطلق أواخر الشهر الماضي كآخر حلقة في المنظومة العدلية المتكاملة. فمع ما شهدت وزارة العدل خلال الفترة الماضية من نقلة نوعية في جميع القطاعات العدلية المختلفة، سواء على الصعيد القضائي، أو التوثيق، أو نشر الثقافة العدلية، فقد أطلق الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني وزير العدل، أعمال المحاكم العمالية في كل أنحاء المملكة ضمن منظومة القضاء السعودي، بعد أن استغرق العمل في تحقيق المهمة نحو ثلاث سنوات، بذلت فيها وزارة العدل جهوداً كبيرة من أجل أن تكون تجربة عدلية نوعية في تميزها، وتكون أنموذجاً لبقية المحاكم في المملكة. ويعد نقل المحاكم العمالية إلى وزارة العدل، الحلقة الأخيرة المتبقية من إكمال منظومة القضاء المتخصص التي نص عليها نظام القضاء في المملكة، حيث كان للمجلس الأعلى للقضاء في هذا الصدد الأثر البالغ في التمهيد لهذه النقلة النوعيّة في مفهوم القضاء المتخصص وما له من أثر استثماري واقتصادي. من جهته أكد الصمعاني أن تجربة المحاكم العمالية ستكون مختلفة عن غيرها، إذ تأتي في مرحلة مفصلية من تاريخ القضاء السعودي الذي تشهد فيها المنظومة تحولاً رقمياً وإجرائياً ومؤسسياً، يواكب ما تشهده بلادنا من قفزات تنموية واقتصادية، تقف خلفها قيادة رشيدة، رفعت سقف التحدي لبناء وطن طموح، ينعم بالتطور والأمن والاستقرار والازدهار في كل الجوانب السياسية والاقتصادية والعدلية، وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي باتت البلاد تعيش برامجها واقعاً ملموساً وأرقاماً دولية وفق توجيهات وحكمة من قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز. وقد قدمت وزارة العدل في نهاية العام الهجري الماضي نحو 20 مليون خدمة متنوعة للمواطن والمقيم، وذلك في مجال اختصاصاتها القضائية والتوثيقية، عبر المنافذ الرقمية والتقليدية كافة، إضافة إلى ملايين أخرى من الخدمات المساندة مثل آلاف الوسائط الاتصالية والتوعوية ونحو 19 مليون رسالة إشعار تحد من الحاجة لمراجعة المحاكم لتمكين المستفيد من متابعة مجريات القضايا عبر رسائل ال SMS. وفيما يتعلق بالجلسات القضائية، فبلغت خلال العام المنصرم 1.8 مليون جلسة، صدر خلالها نحو 752 ألف حكم قضائي، فيما عقد ما يزيد على نصف تلك الجلسات في المناطق الثلاث الرئيسية ذات الكثافة السكانية، فعقدت محاكم منطقة الرياض 466 ألف جلسة قضائية، ومكةالمكرمة 445 ألف جلسة، فيما جاءت محاكم المنطقة الشرقية في المرتبة الثالثة ب 246 ألف جلسة. وفيما أصدرت المحاكم العامة 242 ألف حكم، أصدرت الجزائية نحو 196 ألفًا، والأحوال الشخصية قرابة 283 ألف حكم، أما التجارية فأصدرت قرابة 29 ألف حكم قضائي. وكشفت الوزارة أن محاكم التنفيذ استقبلت 681 ألف طلب لاستعادة 254 مليار ريال، وأصدرت أكثر من مليون قرار تنفيذي، أما الإجراءات التنفيذية فبلغت 869 ألف إجراء تنفيذي. واستقبلت محاكم التنفيذ 99.9 في المئة من الطلبات إلكترونياً دون الحاجة للورق الذي أصبح يستخدم في ال 0.1 في المئة من إجمالي الطلبات المقدمة، إذ تعد محاكم التنفيذ من أولى المحاكم التي تم تطبيق مشروع محاكم بلا ورق في أعمالها، وذلك في إطار مبادرة الوزارة «محاكم بلا ورق» الرامية إلى تفعيل التحول الرقمي في كل مفاصل الوزارة، تطبيقًا لرؤية المملكة 2030 الطموحة. وفيما يخص التوثيق بينت الوزارة أن إجمالي عملياته بلغ أكثر من 2.5 مليون عملية، منها توثيق العقارات الذي بلغ في مجمله 805 آلاف عملية توثيق، فيما أصدرت كتابات العدل نحواً من 1.6 مليون وكالة، بالإضافة إلى عمليات فسخ الوكالات وتوثيق عقود تأسيس الشركات التي زادت عن 90 ألف عملية مع نهاية العام. وبعد توسع الوزارة في الخدمات الرقمية المقدمة عبر بوابتها الإلكترونية، قدمت البوابة نحو 12.3 مليون خدمة إلكترونية خلال العام المنصرم 1439ه، إذ تتيح البوابة قرابة ال90 خدمة رقمية عبر بوابتها. إلى ذلك، منحت وزارة العدل خلال العام المنصرم 877 رخصة محاماة جديدة منها 147 رخصة لمحاميات، كاشفة في الوقت ذاته أن الرخص الممنوحة لهن ارتفعت بنسبة 77 في المئة مقارنة بعام 1438ه الذي شهد منح 83 محامية لرخص مزاولة المهنة. وأشارت الوزارة إلى قيام مركز التدريب العدلي التابع لها، بعدد من الدورات ضمن برنامج إعداد المحامين المؤهل لرخصة المحاماة، حضرها 1171 مستفيداً، في المسارين المهني والتدريبي، 521 منهم نساء، بما نسبته 44 في المئة. وقدمت مكاتب المساندة النسوية في محاكم الأحوال الشخصية في 5 مدن هي (الرياض، مكةالمكرمة، المدينةالمنورة، الدمام، جدة)، أكثر من 47 ألف خدمة ل 26 ألف مستفيدة عدلية، تمثلت في التعريف بصحائف الدعوى، ومساندة المستفيدات ومساعدتهن في تحرير الدعاوى والتعريف بقضايا الأحوال الشخصية، وآلية الترافع والمطالبة بحقوقهن. وفي مجال التواصل مع المستفيدين بواسطة رسائل الجوال المباشرة «الإشعارات العدلية»، بلغ مجموع الرسائل المرسلة عبر النظام نحو 19 مليون رسالة، للحد من حاجة المستفيدين لزيارة المحاكم بغرض متابعة مجريات قضاياهم إلى جانب البلاغات القضائية الأخرى. وشرعت كتابات العدل في أنحاء المملكة كافة، بخدمة المستفيدين وفقاً للمرحلة الرقمية التي انطلقت في العاشر من شهر ربيع الأول 1440، عبر نظام التوثيق الرقمي مستغنية عن الورق وممكنةً المستفيدين من إصدار الوكالات منخفضة المخاطر عبر بوابة الوزارة www.moj.gov.sa، دون الحاجة لزيارة كتابات العدل. ووجه معالي وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني بإطلاق خدمتي الوكالة الإلكترونية، وتوثيق الوكالات إلكترونياً، إذ تغطي الأولى حاجة غالبية المستفيدين من خدمات كتابات العدل، وهي تمكن المستفيدين من إصدار وكالاتهم في بنود محددة دون الحاجة لزيارة كتابات العدل أو الموثقين، حيث ستصل الوكالة الإلكترونية على رقم الجوال الموثق لدى خدمة «أبشر». وفيما يخص خدمة توثيق الوكالات إلكترونياً فهي تغني عن الحاجة للورق في بنود التوثيق التي تستلزم الحضور إلى كتابات العدل أو الموثقين، بحيث يتم تقديم الخدمة للمستفيدين وتصل الوكالة على رقم الجوال الموثق لدى خدمة «أبشر» دون الحاجة للحصول على نسخة ورقية. وسيتاح للجهات الحكومية الاطلاع على معلومات الوكالات إلكترونيًا من خلال وسائل التحقق الإلكترونية التي وفرتها الوزارة لجميع الجهات الحكومية من خلال قناة التكامل الحكومية (gsb) بعد تفعيل الربط بخدمة التحقق من الوكالات ببرنامج التعاملات الإلكترونية «يسر». كما يمكن للجهات التحقق من الوكالات وذلك عبر «خدمة التحقق من وكالة» بمدخلين رئيسيين هما: (رقم الوكالة، وهوية أحد أطراف الوكالة)، ليتم الرد آلياً من أنظمة الوزارة بصحة المعلومات وحالة الوكالة إذا ما كانت سارية أو غير سارية، مع تفاصيلها كاملة. كما أتاحت الوزارة للمؤسسات والجهات الخاصة والأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين الاستعلام عن الوكالة والتأكد من صحتها ومن سريانها وذلك من خلال بوابة وزارة العدل، وسيتم تسجيل معلومات التحقق والجهة أو الشخص الذي قام بالتحقق والنتيجة في أنظمة وزارة العدل للرجوع للرقم المرجعي إذا دعت الحاجة. وأكدت الوزارة أنها تعمل على التحول الرقمي الكامل للخدمات التوثيقية والأعمال القضائية، وتأتي خدمتا الوكالة الإلكترونية وتوثيق الوكالات إلكترونياً، لتعززا من سلسلة الخدمات والمبادرات الرقمية السابقة التي دشنتها الوزارة، وقد تحقق بها بفضل الله العديد من المنجزات العدلية في إطار التحول الرقمي الكامل للخدمات المقدمة للمستفيدين، مما يدعم تحقيق العدالة الناجزة وتبسيط الإجراءات على المستفيدين، معتبرة راحة المستفيد واختصار الإجراءات وتبسيطها له أهم مستهدفاتها.