يواجه القطاع الزراعي في المملكة العربية السعودية كثيراً من التهديدات والتحديات التي تؤثر سلباً على مستقبله فيها، حيث تتأثر الموارد الطبيعية - بما فيها المياه والأراضي والبيئة - بسبب العوامل الطبيعية، والأنشطة البشرية، والضغط السكاني المتزايد، والممارسات الزراعية غير الملائمة؛ وفي مقدمتها الإفراط في استخدام مياه الري، والأسمدة والمبيدات. كل ذلك وغيره أدى إلى تدمير الحياة البيولوجية للتربة، واختلال العلاقة بين عناصر البيئة والكائنات التي تعيش عليها، إضافة إلى انتشار التلوث البيئي، وانخفاض خصوبة التربة وازدياد نسبة التصحر بها، وكذلك انخفاض الموارد المائية المتاحة، وتغيُّر المُناخ. وهنا كان لزاماً على المملكة ممثلة في وزارة البيئة والمياه والزراعة أن تضع الأنظمة والمبادرات التي تحول دون ذلك، فكان أحدثها مشروع «الممارسات الزراعية الجيدة في المملكة العربية السعودية Saudi Cood Agricultural Practices»، والذي يُعرف اختصاراً ب «سعودي جاب S.G.A.P»، حيث سيتم إطلاقه في يوم الخامس من ديسمبر، بالتزامن مع اليوم العالمي للتربة. وتعود نشأة فكرة الممارسات الزراعية الجيدة إلى العام 1997، حيث نشأت تحت اسم Eurep GAP بوصفها مبادرة تولى إنشاءها مجموعةٌ من تجار التجزئة المنتمين إلى مجموعة عمل Euro-Retailer Produce، والذين يتعاملون مع المتاجر الكبرى في أوروبا، وذلك انطلاقاً من وعيهم بالاهتمام المتزايد لدى المستهلكين بسلامة المنتجات وأثرها البيئي، وصحة العمال والحيوانات وسلامتهم ورعايتهم. فتوصلوا إلى تنسيق المعايير والإجراءات التي يطبقونها والوصول إلى نظام اعتماد مستقل للممارسات الزراعية الجيدة. وقد قامت Eurep G.A.P بتغيير اسمها إلى GLOBAL G.A.P في العام 2007 لتصبح برنامج اعتماد المزَارِع الرائد على مستوى العالم الذي يُترجم متطلبات المستهلك في صورة ممارسات زراعية جيدة. واليوم؛ كثير من دول العالم يطبق فكرة الممارسات الزراعية الجيدة، منها: بريطانيا، والولايات المتحدةالأمريكية، واليابان، والصين، وأستراليا، ونيوزيلندا، والمكسيك، والهند. ويهدف تطبيق مشروع «سعودي جاب S.G.A.P» إلى توفير وتحسين استهلاك مياه الري في الزراعة من خلال استخدام طرق الري الحديثة، وترشيد استخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية، وزيادة استخدام الأسمدة العضوية مما يحسّن من خواص التربة وخصوبتها، ومن ثم تحسين قدرتها على الاحتفاظ بمياه الري. كما يهدف إلى تشجيع المزارعين على زراعة محاصيل ذات قيمة اقتصادية مضافة أكثر كالفواكه والخضراوات، وفتح منافذ تسويقية جديدة داخلية وخارجية لهم، وتحسين العمليات والممارسات الزراعية، إضافة إلى زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين مواصفاته، وتحسين المرافق وظروف العمل والعمال، وتأهيل وتدريب المزارعين والفنيين، وتعزيز ثقة المستهلكين بالمنتجات الزراعية المحلية عبر حصولهم على منتج غذائي صحي وآمن. وتُعطى شهادة اعتماد الممارسات الزراعية الجيدة «سعودي جاب S.G.A.P» للمَزارع التي توفرت فيها الشروط والمعايير الخاصة بالمشروع، والتي تشمل تقييم المخاطر، وحفظ السجلات، والتقييم الذاتي لوحدة الإنتاج، وضمان سلامة الأغذية في جميع مراحل الإنتاج، ومعايير استخدام الوقود والطاقة، وتوفر نظام موثق لتتبع المنتجات وفصلها، وتوفر الاختصاص والتدريب لدى مدير وحدة الإنتاج والمسؤول عن إدارة المنتج ومواد الوقاية وإدارة الأسمدة والسلامة المهنية والمعدات والآلات، إضافة إلى تسجيل العمالة، وطريقة التعامل معهم، والتأمين ضد المخاطر، وسلامة التربة وحمايتها من الانهيار، وسلامة المياه المستخدمة في الزراعة، والمياه المستخدمة أثناء تداول المنتج، علاوة على إدارة مياه الصرف الصحي، وتحسين الحياة البرية وحماية التنوع البيئي، وإدارة الملوثات والمخلفات، وتوفر إرشادات النظافة والصحة العامة، وتوفر المرافق الصحية وأماكن التدخين وتناول الطعام، ووجود تدابير وقائية ضد الأمراض المنقولة من الزوار، وكذلك التخطيط الفعال لاستخدام الأسمدة والمبيدات، والشروط العامة للحصاد والتعبئة والتخزين.. إلى غير ذلك من المعايير. ويختلف تطبيق معايير مشروع «سعودي جاب S.G.A.P» على المَزارع من حيث الإلزام والاختيار طبقاً لمساحاتها، فالوحدات الإنتاجية التي تبلغ مساحتها (500 هكتار فأكثر) يكون التطبيق إلزامياً خلال سنة، والوحدات التي تبلغ مساحتها (200-499 هكتاراً) فيكون التطبيق إلزامياً خلال سنتين، وأما المزارع التي مساحتها (50-199 هكتاراً) فيلزم تطبيق المعايير خلال 3 سنوات، والتي تقل مساحتها عن 50 هكتاراً فإن التطبيق فيها اختياري باستثناء مزارع إنتاج الخضار. وأخيراً يلزم مشغلي الوحدات الإنتاجية لمساحة الخضار المحمية الأكثر من (5 هكتارات) وللمساحة المكشوفة الأكثر من (25 هكتاراً)؛ تطبيق المعايير خلال 3 سنوات. ويبدأ التطبيق اعتباراً من تاريخ 25-4-1440ه الموافق 1-1-2019م.