اختار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز «مصر» لتكون محطته الأولى في جولته العربية التي يهدف من خلالها إلى توثيق العلاقات الأخوية مع الدول الشقيقة، وتعزيز التضامن، وتوحيد الرؤى الاستراتيجية الكفيلة بضمان أمن واستقرار المنطقة، وخلق آليات عمل قادرة على تحقيق أهداف التنمية العربية (بوابة الرخاء والأمن والاستقرار). وتأتي زيارات ولي العهد للدول العربية قبيل مشاركته في قمة العشرين، وهي إشارة مهمة لالتزامات المملكة تجاه الدول العربية الشقيقة. فوجودها في مجموعة العشرين يضع عليها مزيدًا من الالتزام لتمثيل الدول العربية، وتحقيق مصالحها التنموية والاقتصادية.. وهو أمر اعتادت عليه المملكة منذ مشاركتها الأولى في المجموعة. يؤمن ولي العهد بأهمية التنمية وانعكاساتها المهمة على الشعوب، غير أن تفعيل برامجها وتحقيق أهدافها لا يمكن أن يتم بمعزل عن مد جسور الثقة والتعاون الأمثل بين الدول العربية، وإرساء الأمن والاستقرار (قاعدة التنمية الكبرى)، إضافة إلى تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. أحسب أن الأمير محمد يسعى أيضًا لتحقيق بيئة مثالية حاضنة لرؤيته التنموية الاستراتيجية التي عبَّر عنها بوضوح في مؤتمر «مستقبل الاستثمار»، التي تجاوزت السعودية لتصل إلى دول الشرق الأوسط؛ إذ توقَّع أن يتحول خلال السنوات القادمة إلى أوروبا الجديدة عطفًا على خطط التنمية وبرامجها التي تُنفَّذ في دول الخليج ومصر ولبنان والأردن، وغيرها من الدول. فالمملكة تسعى دائمًا لتعزيز التنمية العربية، والمساهمة الفاعلة فيها، وتحقيق رفاهية الشعوب، واستثمار ما حباها الله من نِعَم في تحقيق تلك الأهداف المباركة. ربط المشروعات التنموية الكبرى في السعودية ببُعدها الإقليمي من أدوات التنمية العربية التي بدأت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في تفعيلها وفق رؤية استراتيجية حصيفة. مشروع مدينة نيوم ترجم تلك الرؤية التنموية الشاملة بعد أن استهدف تنمية أجزاء مهمة من مصر والأردن؛ لتشكل فيما بينها منظومة التطوير الكبرى، وتحقيق التكامل الأمثل بين الدول العربية، واستثمار المقومات المتاحة لتعزيز الشراكة الاقتصادية التنموية المحققة للأهداف السامية. تدفق الاستثمارات، والشراكات الاقتصادية، محور التنمية في الدول العربية، والأمن والاستقرار قاعدتها الكبرى؛ وهو ما يستوجب تحقيقه لما فيه خير ومصلحة الشعوب. ولعلي أستشهد بالعلاقات السعودية - المصرية الوثيقة، وانعكاساتها على أمن واستقرار البلدين والمنطقة العربية، ثم على الاستثمارات المشتركة، والمشروعات التنموية المهمة، وتحقيق التكامل الأمثل بينها، وهو تكامل استراتيجي غير مقتصر على البلدين، بل تمتد أهدافه نحو الدول العربية الأخرى حماية لها، وتحقيقًا لمصالحها الاستراتيجية. هناك فرص تنموية كثيرة، ومقومات اقتصادية محفزة للاستثمار في جميع الدول العربية، تقابلها تحديات كبرى، تستوجب المعالجة، وتوحيد الرؤى، والتحرك السريع إلى الأمام بعيدًا عن ترسبات الماضي، والتحزبات المؤذية والمضرة بمصالح الشعوب. ستفتح جولة الأمير محمد بن سلمان الخليجية والعربية آفاق التعاون الأمثل والشراكات التنموية الاقتصادية، وستمد جسور العلاقات الأخوية وتعززها، وستؤسس - بإذن الله - لمستقبل زاهر، يعيد للعالم العربي أمنه واستقراره ونموه وازدهاره.