حينما يكون حاضرنا هو المستقبل في ضوء إنجازات رؤية 2030    الرئيس اللبناني يؤكد سيطرة الجيش على معظم جنوب لبنان و«تنظيفه»    جاهزية خطة إرشاد حافلات حجاج الخارج    القبض على (12) يمنياً في عسير لتهريبهم (200) كجم "قات"    ميرينو: سنفوز على باريس سان جيرمان في ملعبه    نائب أمير مكة يرأس اجتماع اللجنة الدائمة للحج والعمرة    المتحدث الأمني بوزارة الداخلية يؤكد دور الإعلام الرقمي في تعزيز الوعي والتوعية الأمنية    وزير الخارجية يستقبل نظيره الأردني ويستعرضان العلاقات وسبل تنميتها    بمشاركة أكثر من 46 متسابقاً ومتسابقة .. ختام بطولة المملكة للتجديف الساحلي الشاطئي السريع    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    بيئة عسير تنظم مسابقة صفر كربون ضمن فعاليات أسبوع البيئة    رؤى مصطفى تسرد تجربتها الصحفية المميزة في حوار الشريك الأدبي    وزير الخارجية يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير خارجية الأردن    رسمياً نادي نيوم بطلًا لدوري يلو    بعد تأهله للنهائي الآسيوي.. إشادة عالمية بفوز الأهلي على الهلال    محافظ الطائف يستقبل مدير فرع هيئة الهلال الأحمر بمنطقة مكة المكرمة    انطلاقة المعرض الهندسي الثالث للشراكة والتنمية في جامعة حائل    تدشين الهوية الجديدة لعيادة الأطفال لذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال التوحد    "مبادرة طريق مكة" تنطلق رحلتها الأولى من كراتشي    أمانة القصيم تحقق التميز في كفاءة الطاقة لثلاثة أعوام متتالية    نائب أمير حائل يزور فعالية "أساريد" في قصر القشلة التاريخي    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    العمليات العقلية    "فلكية جدة": رصد هلال شهر ذي القعدة في سماء الوطن العربي بعد غروب شمس اليوم    انخفاض أسعار الذهب بنحو واحد بالمئة    هيكل ودليل تنظيمي محدّث لوزارة الاستثمار.. مجلس الوزراء: الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء    "الشورى" يطالب "التلفزيون" بتطوير المحتوى    المرور: تجاوز المركبات أبرز أسباب الحوادث المرورية    نائب أمير مكة يطلع على التقرير السنوي لمحافظة الطائف    11.3 مليار ريال استهلاك.. والأطعمة تتصدر    خلال لقائه مع أعضاء مجلس اللوردات.. الربيعة: السعودية قدمت 134 مليار دولار مساعدات ل 172 دولة حول العالم    في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. إنتر المتراجع ضيفًا على برشلونة المتوهج    هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع    حوار في ممرات الجامعة    هند الخطابي ورؤى الريمي.. إنجاز علمي لافت    ترامب وهارفارد والحرية الأكاديمية    سوريا.. ملاحقة المتورطين في أحداث جرمانا    تطوير التعاون الصناعي والتعديني مع الكويت    التقوا رئيسها واستمعوا لتوجهاته المستقبلية.. رؤساء تحرير يطلعون على مسيرة التطور في مرافق "أرامكو"    أمانة الرياض توقع استضافة "مؤتمر التخطيط"    مدرب كاواساكي: لم نستعد جيداً    محمد بن ناصر يزف 8705 خريجين في جامعة جازان    العلاقات السعودية الأميركية.. الفرص والتحديات    أمير الشرقية يستقبل السفير البريطاني    "هيئة العناية بالحرمين": (243) بابًا للمسجد الحرام منها (5) أبواب رئيسة    مسؤولو الجامعة الإسلامية بالمالديف: المملكة قدمت نموذجاً راسخاً في دعم التعليم والدعوة    بدء المسح الصحي العالمي 2025    "الداخلية" تحتفي باليوم العالمي للصحة المهنية    مستشفى الملك خالد بالخرج يدشن عيادة جراحة السمنة    الاتحاد السعودي للهجن يؤكد التزامه التام بتطبيق أعلى معايير العدالة وفق اللوائح والأنظمة    فريق فعاليات المجتمع التطوعي ينظم فعالية بعنوان"المسؤولية الإجتماعية للأسرة في تعزيز الحماية الفكرية للأبناء"    إيلون ماسك يقلق الأطباء بتفوق الروبوتات    أسباب الشعور بالرمل في العين    اختبار للعين يكشف انفصام الشخصية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل محافظ الطائف ويطلع على عددًا من التقارير    قصف مستمر على غزة لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة الطوعية    تنوع جغرافي وفرص بيئية واعدة    أمير منطقة جازان يرعى حفل تخريج الدفعة ال20 من طلبة جامعة جازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الموسوعي» ابن عيسى.. اهتم بالتاريخ بجوانبه السياسية والاجتماعية
دارة الملك عبدالعزيز تستمر في برنامجها (أعلام المملكة العربية السعودية)
نشر في الجزيرة يوم 20 - 11 - 2018


شقراء - عبدالله المقحم / تصوير - عبدالله الجلي:
أفصح برنامج الأعلام في المملكة العربية السعودية الذي تشرف عليه دارة الملك عبدالعزيز عن الندوة الخامسة ضمن ندواته المخصصة للتعريف بإنجازات رواد وأعلام في مختلف المجالات من المواطنين من الجنسين منذ ظهور الدولة السعودية الأولى عام 1157ه/ 1744م. فيما يُعد من جانب آخر تكريمًا ووفاء وتوثيقًا من الدولة لهؤلاء المخلصين الأفذاذ، وتقديم إنجازاتهم إلى الجيل الحالي والمقبل بصفتهم قدوة في الوطنية الحقة، وأمثلة باسقة للعطاء والتفرد لخدمة الوطن، والإسهام في البناء الحضاري للمجتمع. وإضافة إلى ذلك يُعد البرنامج سبرًا للعلاقة الوثيقة بين المجتمع السعودي وولاة الأمر التي من صورها التفاني في بناء المملكة العربية السعودية وإعمارها مبنى ومعنى.
هذه المرة حط البرنامج رحاله وأقلامه في مدينة أشيقر بمحافظة شقراء لتكريم عَلَم من أعلام العلم والمعرفة والتاريخ على مستوى الوطن، هو المؤرخ والنسابة الشيخ إبراهيم بن صالح بن إبراهيم بن محمد بن عيسى الذي وُلد في عصر اتسم بعدم الاستقرار وكثرة الحروب وقطع الطرق؛ إذ كانت ولادته عام 1270 ه في أشيقر بعد أن انتقل إليها جده محمد من شقراء. انصب اهتمامه على عشيرته آل عيسى، وكان شديد الحرص على صلة أرحامه من أبناء عمومته في شقراء وباقي أسرته فكان دائمًا ما يراسلهم ليسألهم عن أحوالهم. وفي المقابل كانوا يزودونه بأخبارهم وأحداثهم وما استُجد عليهم. ومن ذلك رسالة جوابية، وصلت إليه من الشيخ محمد بن علي البيز العيسى في شقراء، ذكر له فيها وفيات آل عيسى من الذكور والإناث بسبب وباء الجدري عام 1337ه. كما كان للمؤرخ العلامة مراسلات مع الإمام عبدالرحمن الفيصل، تعكس ولاء ووفاء المؤرخ الثاني للدولة السعودية ابن عيسى للإمام ابن فيصل ولأسرة آل سعود، ومراسلات مع الملك عبدالعزيز الذي كلفه بكتابة تاريخ الدولة السعودية أثناء مروره بالمنطقة - طيب الله ثراه - ابتداء مما انتهى إليه قلم المؤرخ عثمان بن بشر؛ فدوَّن وأجاد بالرغم من انعدام الاتصال وبطء المراسلة وعدم انتشار وسائل الإعلام آنذاك إلا في المدن الكبرى في المملكة.
وعاش المؤرخ ابن عيسى بعد شهرته العلمية حياة مثل حياة العلماء عبر التاريخ؛ فولع بالمعرفة والعلم الأصيل، وصبر وثابر في الحصول عليهما والسفر إليهما. فقد كتب الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جاسر عن شيخه ابن عيسى: «كان في بداية طلبه العلم يتجول في البلدان، وإذا ما وجد ما يعجبه من الفوائد نقله بخط يده. وكان لا ينفك في غالب أوقاته عن المطالعة، حتى إذا خرج من بيته أخذ معه بعض المجاميع التي هي بخط يده». وأضاف الدكتور هشام بن محمد السعيد في الندوة الذي أورد أن من شيوخه الذين أخذ عنهم: «قاضي شقراء الشيخ عبدالله بن علي بن عيسى، وقاضي المجمعة الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى، وقاضي الزبير الشيخ صالح بن حمد المبيض، وأمير بهوبال الهند الشيخ صديق حسن خان القنوجي» وغيرهم. وبالرغم من تتلمذه على أيد قضاة وقربه منهم إلا أن الشيخ ابن عيسى رفض منصب قاضي عنيزة مرتين عامَي 1308ه و1318ه وذلك تورعًا و»إيثارًا للسلامة»، وولعًا بطلب العلم وبتعقب الحدث والمعلومة وتسجيلهما، وتدوين التصحيحات والفوائد والتعليقات على الكتب، ونسخ المخطوطات بخطه الجميل.. فقد كان لديه مكتبة من أهم المكتبات النجدية مكونة من مخطوطات نفيسة ونوادر شاردة بخطوط مصنفيها، كما أنه كان يشتري بعض المكتبات الخاصة غير الموقوفة، وكان يطلع عليها من خلال اشتغاله بفهرسة المكتبات الخاصة. كما أن زواجه من أرملة شيخه عبدالرحمن بن محمد بن مانع (نورة بنت إبراهيم البجادي)، أولى زوجاته الست، كان داعمًا لمكتبته حين وهبته ما ورثته من زوجها الأول من الكتب والمصنفات، فضلاً عما يجود به مشايخه عليه من إهداءات وتزويدات، بل تذكر وثيقة تاريخية تعود إلى عام 1330ه أن الشيخ المؤرخ ابن عيسى يسأل تلميذه في الكويت العلامة عبدالله بن خلف الدحيان عن سعر كتاب «القاموس المحيط» للفيروز أبادي لغرض شرائه إلا أن مكتبته تفرقت إما إهداء أو بيعًا في سوق عنيزة بعد وفاته فيها، أو هبة،أو وقفًا.. وبعض كتبه ذهبت إلى الرياض، وتحصّل عليها الشيخ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ الذي تربطه به علاقة متينة.
أثرى المؤرخ الشيخ إبراهيم بن عيسى المكتبة بعدد من المصنفات والمنسوخات التي بدأ في العمل فيها وهو لم يتجاوز العشرين عامًا من عمره، بالرغم من اشتغاله في الزراعة في مزرعة له ولأخويه عبدالعزيز وعبدالرحمن. من هذه المصنفات ما هو مفقود مأسوف عليه، ومنه ما هو ماثل للعيان متاح، أحضرها الأستاذ عبدالله بن بسام البسيمي أثناء مشاركته في الندوة، من أبرزها: كتاب تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد، وكتاب عقد الدرر فيما وقع في نجد من الحوادث في آخر القرن الثالث عشر وأول الرابع عشر، وكتاب تاريخ نجد وهو امتداد لمصنفه عقد الدرر، ورسالة عن علماء بلدة أشيقر، ونبذة عن بلاد العرب، ونبذة عن إشراف مكة المكرمة، وجزء متوسط في أنساب العرب القحطانيين والعدنانيين، وغيرها. كما أن له مجاميع كثيرة، قيد فيها ما يراه وما يسمعه، تناولت موضوعات في التاريخ والجغرافيا والأنساب والفلك والطب والتراجم؛ وهو ما يؤكد «موسوعية» ابن عيسى.
انتقل الشيخ المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى وأسرته ومكتبته إلى عنيزة عام 1342ه؛ إذ كان يستأنس بعلاقات أخوية وعلمية بعلماء منها، ويعقد الحلقات التعليمية لطلابه هناك. كما كان يحتفظ بعلاقة حميمية مع أميرها عبدالعزيز بن عبدالله السليم، تثبتها رسائل متبادلة، وكان انتقاله إليها أمرًا محزنًا لأهل أشيقر وطلابه؛ فكانوا يضمنون رسائل له بدعاء أو طلب أو رجاء بأن «يرده إلى بلده» إلا أنه توفي في العام التالي دون أن يزور مسقط رأسه.
هذه «الموسوعة» التي ألفها المؤرخ ابن عيسى لم تكن وليدة المصادفة؛ فلولا اجتهاده المبكر في التعلم، ثم استثمار مهارات الذكاء والحفظ لديه، ثم همته العالية بارتحاله في داخل المملكة وخارجها، بما فيها من تعب وشقاء وكمد، لما نال هذه الدرجة العالية من العلوم المختلفة، واطلع على أحوال الأمم وثقافاتهم وأعمالهم.. فرحل المحتفى به للاستزادة في العلم إلى الأحساء أكثر من مرة، وإلى الكويت أكثر من مرة، ودرس هناك على يد الشيخ محمد بن سعيد الكويتي، ثم مكة المكرمة لأداء فريضة الحج ومجالسة العلماء، وكان في العقد الخامس من عمره، ثم سافر إلى حائل فالهند فالرياض، كما رحل إلى بغداد والبصرة والكوفة وإلى بلاد الشام.. إلا أن الأستاذ يوسف بن عبدالعزيز المهنا في بحثه المشارك في الندوة يؤكد أنه لم يجد إشارة في كتب ابن عيسى ورسائله وشعره ومجموعه المشهور «الكناش» ما يشير إلى رحلة الشام، لكنه لا يستبعد أنه سافر لها لقربها وكثرة القوافل المتجهة لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.