حسب معهد اليونسكو تستحوذ عشر دول على 80 % من حجم الإنفاق العالمي على البحث العلمي والتطوير الذي يبلغ إجماليه 1.7 تريليون دولار أميركي ولا يوجد أي دولة عربية من بينها وباتت دول النمو الاقتصادي الجامح هي الأكثر إنفاقاً على البحث والتطوير وبمقدمتها كوريا الجنوبية التي تنفق ما يعادل 4 % من إجمالي ناتجها المحلي وهو ما جعلها دولة رائدة اقتصاديا بقطاع الاتصالات وصناعة السيارات والطاقة النووية. فمن المعروف أن الدول الكبرى اقتصادياً تضع البحث والتطوير في سلم أولوياتها لأنه ما يحقق لها الريادة فأميركا هي أكبر دولة من حيث حجم الإنفاق على البحث والتطوير بمبلغ يصل إلى 476 مليار دولار ولذلك باتت متفوقة بكافة المجالات وكانت أول الدول المتحولة للاقتصاد المعرفي و لديها 4200 باحث لكل مليون نسمة وهو أعلى رقم عالمياً ويزيد عن منافستها الصين بثلاثة أضعاف، فالبحث والتطوير هو ما يقود تنافسية الدول حالياً ويعطيها التميز والأريحية اقتصادياً للدول المهتمة بتطوير قطاعاتها وامتلاك التكنولوجيا بدلا من شرائها من الخارج. ومع إطلاق رؤية المملكة 2030 التي تهدف رفع تنافسية الاقتصاد السعودي عالمياً فإن التركيز على البحث والتطوير بات هو الأكثر أولوية لتحقيق أهداف الرؤية في تطوير الاقتصاد بمختلف القطاعات التي يتم التركيز عليها، فالمملكة أكبر منتج للبتروكيماويات وللنفط والغاز ولكنها تحتاج لامتلاك التكنولوجيا بهذه القطاعات بدلا من شرائها فكثير من شركات البتروكيماويات تعتمد على تقنيات أمريكية وأوروبية وآسيوية وتدفع مبالغ طائلة لسنوات طويلة وليس فقط عند تركيب المصانع مقابل هذه التقنية وينطبق الأمر ذاته على الصناعات الدوائية والأجهزة الطبية والقطاعات الهندسية. فبحسب معهد اليونسكو تنفق المملكة حوالي 12 مليار دولار أميركي سنويا على البحث والتطوير أي ما يعادل 1.7 % من الناتج المحلي وهي الأولى عربياً لكن يبقى رقما محدودا قياساً باحتياجات المملكة لتطوير اقتصادها فالإمكانيات المادية موجودة ولدينا الكثير من القطاعات التي تتطلب توطين التقنية ورفع تنافسيتها عالمياً لتنويع مصادر الدخل وزيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد مع رفع التنافسية بخفض التكاليف وتوفير فرص عمل للمواطنين والاستغناء بتطوير التقنية عن كثافة استخدام اليد العمالة الوافدة. مع التوجه للتوسع بقطاعات الصناعات التحويلية وكذلك فتح قطاعات جديدة بالطاقة المتجددة والتعدين والتوجه لجذب استثمارات ضخمة للاقتصاد الوطني فإن رفع الإنفاق على البحث العلمي بنسب عالية بات أولوية مع زيادة عدد الباحثين ودعمهم من خلال الجامعات ومراكز البحث لدى الشركات الكبرى وكذلك الجهات الحكومية لتوفير كافة الاحتياجات للنهوض بالبحث العلمي وامتلاك التكنولوجيا والحلول الذاتية لاحتياجات اقتصادنا ومجتمعنا.