أنشأ الآباء المؤسسون للولايات المتحدةالأمريكية نظاماً سياسياً معقداً ووضعوا له العديد من الضوابط أو الكوابح منها الانتخابات النصفية كل عامين وعادة ما تكون في سنوات زوجية. ويتكون الكونجرس الأمريكي من 535 ممثلاً منتخباً منهم 435 عضواً في مجلس النواب، و100 عضوًا في مجلس الشيوخ. ينتخب أعضاء مجلس النواب لمدة عامين ويمثّل كل عضو سكان دائرة انتخابية واحدة، تعرف باسم «المقاطعة». ويتم إنشاء دوائر الكونغرس داخل الولايات وفقًا لعدد السكان في آخر تعداد رسمي للسكان. أما عندما يتعلّق الأمر بمجلس الشيوخ، فإن كل ولاية، بغض النظر عن عدد السكان أو الحجم، لها عضوان في مجلس الشيوخ. وينتخب كل عضو في مجلس الشيوخ لولاية مدتها ست سنوات، وكل سنتين يعاد انتخاب ثلث مجلس الشيوخ وهذا العام هناك 35 مقعداً سيعاد انتخاب أعضاء لها. ولتحقيق أغلبية في مجلس الشيوخ فإن هناك حاجة إلى 51 مقعداً للسيطرة على المجلس، أما في مجلس النواب فإن الأغلبية تتطلب 218 مقعداً. ويحوز الجمهوريون حالياً على 240 مقعدًا، في مقابل 196 مقعداً للديمقراطيين الذين يتعيّن عليهم الحصول على 24 مقعدًا للسيطرة على مجلس النواب. وأظهر استطلاع أجرته وول ستريت جورنال/ إن بي سي أن 50 % من الناخبين يفضِّلون سيطرة الديمقراطيين، في حين يفضِّل 41 % سيطرة الجمهوريين. هناك عدد من المتغيِّرات أغضبت الرأي العام الأمريكي ديمقراطيين وجمهوريين ومنها الجدل الدائر حول ترشيح بريت كافانو للمحكمة العليا في الولاياتالمتحدة وتعيينه بعد ذلك، وهو إجراء استعدى النساء خاصة ومناصريهم عامة من الحزبين ضد الحزب الجمهوري الحاكم. يضاف إلى متاعب الجمهوريين خطاب الرئيس الأمريكي الذي يمس كرامة المرأة في بعض الأحيان أو الذي ربما يفسر على أنه ذو ميول عنصرية. الانتخابات النصفية التي سوف تجرى يوم الثلثاء الموافق 6 نوفمبر 2018م بلغ مجمل الإنفاق عليها حوالي 5 مليارات دولار. وحيث يسيطر الجمهوريون الآن على 51 مقعداً في مجلس الشيوخ فإنهم في أسوأ الاحتمالات سوف يتساوون مع الديمقراطيين بواقع 50 عضواً لكل حزب إلا إذا نجح الديمقراطيون في انتزع أحد المقاعد المؤكدة للحزب الجمهوري وهذا مستبعد إلى حد كبير. أما السيطرة على مجلس النواب، فإن الكثير من المراقبين والمتابعين لهذه الانتخابات يرون أن الديمقراطيين قد يحققون فيها مكاسب كبيرة وليس مستبعداً أن يحوزوا على الأغلبية بفضل النساء إذا توافدن بكثافة على صناديق الانتخابات. وأخذاً في الاعتبار الخصومة القائمة بين الرئيس دونالد ترامب ووسائل الإعلام الكبرى فإن ما تروّج له استطلاعات الرأي قد لا يكون دقيقاً، وقد نفاجأ بسيطرة جمهورية على المجلسين وهو ما يتمناه الرئيس. لا شك أن الاحتقان الذي يشهده المجتمع الأمريكي غير مسبوق، وإن خطاب الكراهية الذي يروّج له الرئيس ضد الديمقراطيين ورموزهم قد يشجع بعض المتعصبين للرئيس من ارتكاب حماقات على غرار الطرود المفخخة التي أرسلت لبعض القيادات الديمقراطية السابقة والحالية. كما أن العنف متوقع في بعض الدوائر المتعصبة. الرئيس السابق باراك أوباما، ونائبه جون بايدن، وهيلاري كلينتون يقودون حملات الترويج لمرشحي الحزب الديمقراطي وهو ما أعاد القيادات الديمقراطية إلى الواجهة بعد أن ظهر الحزب مهلهلاً عقب خسارة الانتخابات الرئاسية عام 2016م لصالح الجمهوريين. ومن جانبه يطوف الرئيس دونالد ترامب الولايات التي تشتد فيها المنافسة لتأييد مرشحي الحزب الجمهوري. نتائج الانتخابات النصفية تكون في العادة تصويت على أداء الرئيس في السنتين الأولى من انتخابه، وتحقيق حزبه السيطرة في الكونجرس بمجلسيه يعني أنه سيكمل برنامجه الانتخابي بدون مصاعب. ولكن إذا أخذنا في الاعتبار الانتخابات النصفية في عهد عدد من الرؤساء السابقين سوف نلاحظ أن الحزب الحاكم عادة ما يخسر في الانتخابات النصفية. فهل يكون الرئيس ترامب استثناء كما هو في كل شيء؟