من الواضح بأن الحرب التجارية العالمية بين الولاياتالمتحدة من جهة والصين ودول الاتحاد الأوروبي وروسيا واليابان وكندا والمكسيك وغيرها من البلدان من جهة أخرى قد اندلعت فعليا وبالتالي سيكون لها تأثيراتها الخطيرة على مجمل الاقتصاد العالمي. التساؤل هنا: هل نحن بصدد اندلاع حرب تجارية عالمية مفتوحة على كل الاحتمالات؟ لا بد أن نقف هنا عند التغيرات الهيكلية للرأسمالية العالمية منذ أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين المنصرم والتي تتمثل في بروز ظاهرة الإمبريالية باعتبارها أعلى مراحل الرأسمالية وفقا لنقادها في ذلك الحين والتي من أبرز سماتها: تركيز الإنتاج ورأس المال المؤدي لخلق الاحتكارات، والتي تلعب دوراً حاسماً في الحياة الاقتصادية. اندماج رأس المال البنكي ورأس المال الصناعي، وتكوين طغمة مالية على أساس رأس المال التمويلي. تصدير رأسمال، الذي أصبح في غاية الأهمية، وذلك على حساب تصدير السلع. تشكيل الاحتكارات الرأسمالية الدولية، والتي تقتسم العالم فيما بينها. الانتهاء من التقسيم الإقليمي للعالم أجمع بين القوى الرأسمالية الكبرى. وقد تمثلت المراكز الإمبريالية آنذاك بشكل رئيسي في بريطانيا وفرنسا إلى جانب الولاياتالمتحدة. غير أن الدول الجديدة الصاعدة كألمانيا وإيطاليا واليابان الطامحة لإعادة تقاسم النفوذ والسيطرة الاستعمارية في العالم مع الدول الإمبريالية القديمة، إلى جانب مقاومة الإمبراطورية العثمانية وإمبراطورية النمسا والمجر اللتين كانتا في طور الأفول، رفضت ذلك التقسيم الإمبريالي القائم، وهو ما أفضى إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى، التي خلفت أكثر من 9 ملايين قتيل، كما انتهت بسقوط وتفكك ثلاث إمبراطوريات تمثلت في الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية الروسية، وإمبراطورية النمسا والمجر. غير ان طموح الدول الرأسمالية الإمبريالية الصاعدة في توسيع نفوذها وسيطرتها الاستعمارية - الإمبريالية على حساب الدول الإمبريالية الغربية الأخرى لم يتراجع، وتمثل ذلك في اندلاع الحرب العالمية الثانية التي كلفت البشرية ما بين 50 و85 مليون قتيل حسب التقديرات، ناهيك عن الدمار الهائل. السؤال هنا: هل نحن على أعتاب صدام ومجزرة عالمية جديدة، أم أن هناك خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها في ضوء المتغيرات في البيئة العالمية وبخاصة وجود الرادع النووي؟ غير أن ذلك لا يعني تجاهل المخاطر الجدية لما هو حاصل على صعيد الحرب التجارية العالمية المحتدمة بين المراكز الرأسمالية في العالم، خصوصا مع بدء تطبيق رسوم جمركية أوربية إضافية على عشرات المنتجات الأميركية مثل المشروبات الكحولية والجينز والدراجات النارية. وهذه الرسوم الجديدة التي دخلت رسمياً حيز التنفيذ وهي بمثابة رد على فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية تبلغ نسبتها 25% على الفولاذ و10% على الألمنيوم على وارداتها من معظم دول العالم، بما في ذلك حلفاؤها الغربيون. للحديث صلة