من المنتظر أن يشكِّل تسجيل واحة الأحساء كموقع تراثي عالمي في اليونيسكو بداية مرحلة جديدة للتنمية والمشروعات النوعية الداعمة لإبراز مواقعها التراثية، ومقوماتها البيئية، وتاريخها الأصيل. أهمية المقومات التراثية لا تلغي أهمية تجهيز البيئة الحاضنة لها من أجل تعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية. لذا كان السؤال الأكثر تداولاً منذ توثيق واحة الأحساء في اليونسكو هو «ماذا بعد؟»؛ وهو استفسار يحمل في جوانبه الكثير من المعاني التنموية التي يأمل في تحقيقها المهتمون بالسياحة والتراث الوطني، والتنمية المحلية، وتعزيز المكاسب الوطنية، على مستوى القطاع الحكومي، والخاص، والشعبي أيضًا. الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية، أكد في مجلسه الأسبوعي «الإثنينية» الذي خصصه للاحتفاء بالفريق المشارك في اختيار الأحساء كموقع تراثي عالمي، بأن جميع احتياجات محافظة الأحساء ستكون في ملف واحد بعد ورشة العمل التي ستعقد في المحافظة بين أعضاء فريق ملف تسجيل واحة الأحساء ورجالات الأحساء، وسيناقش في اجتماع هيئة تطوير المنطقة الشرقية». تشكل هيئة تطوير المنطقة الشرقية المظلة التنموية لمحافظات ومدن المنطقة، وتضم في عضويتها خيرة العقول التنموية، ومسؤولي الإدارات الحكومية المعنية بالتنمية والتطوير، ما يجعلها الوجهة الصحيحة للمبادرات التطويرية والمشروعات التنموية التي ستتمخض عنها ورشة العمل. وبالرغم من إيماني التام بأهمية المرجعية التنموية، وقدرتها على وضع الإستراتيجية الموحدة، واقتراح المشروعات وتصنيفها بحسب أهميتها وأولويتها، أجد أن للمبادرات المحلية المنبثقة عن المحافظات دورًا مهمًا في تعزيز المكاسب، وتسريع وتيرة التنمية والتطوير، وأحسب أن الأمير سعود بن نايف شدد على المبادرات المتوقع رفعها من الأحساء، وتجسيرها بممثليها في هيئة تطوير المنطقة لتنسيق الجهود، وإزالة المعوقات، وتحقيق التكامل الأمثل في المبادرات وأولوية المشروعات. وبالعودة إلى السؤال الأكثر إلحاحًا، وهو «ماذا بعد تسجيل واحة الأحساء في اليونسكو». أجد أن مبادرات التطوير يفترض أن تركز على ثلاثة محاور رئيسة معنية بالتطوير، وهي المطار، مداخل الأحساء والطرق المؤدية للمواقع التراثية؛ والبيئة الحاضنة لها. بحيث تهتم كل جهة بتقديم المبادرات المهمة لتحقيق هدف التطوير. وأبدأ من المطار الذي يفترض أن تكون لهيئة الطيران المدني مبادرة نوعية لتعزيز دور المطار في المنطقة، وتطويره ورفع كفاءته، وزيادة عدد الرحلات فيه. ركز الأمير سعود على دور أهالي الأحساء ورجال الأعمال ومبادراتهم النوعية، وهو دور مسؤول ومشرف. ولعلي أنطلق من هذه الإشارة إلى أهمية الخصصخة ودور رجال الأعمال في إنجاح المشروعات الاقتصادية الحيوية، ومنها المطارات. قد يكون للمبادرات النوعية الداعمة لإشراك قطاع الأعمال في الخصخصة الجزئية ومنها الصالات على سبيل المثال، من الأدوات المحفزة لتطوير المطار وإنشاء صالات جديدة ورفع كفاءته وزيادة عدد الرحلات الدولية والمحلية فيه. أما الطرق ومداخل الأحساء الرئيسة، فيفترض أن يكون لأمانتها دور مهم وحيوي لإنجازها بوتيرة متسارعة وتركيز أكبر، وطرح مبادرات عاجلة تضمن إنجاز مشروعاتها في فترة زمنية قصيرة. الأمر عينه ينطبق على البيئة الحاضنة للمواقع التراثية التي ربما تتشارك الأمانة والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني فيها. غير أنني سأركز على مبادرات هيئة السياحة التي يفترض أن تعنى بالمواقع التراثية وجزء من بيئتها الحاضنة من خلال مشروع متكامل، ميزانية مستقلة لدعم «واحة الأحساء» كمرحلة مهمة من مراحل التطوير والتمكين لأحد مواقع اليونسكو في المملكة. أختم بإشادة الأمير سعود بن نايف بأهالي الأحساء ودورهم الإيجابي في المحافظة على واحتهم الغناء، وتعزيز مكانتها، وربط مشروعاتهم الاستثمارية السياحية بالتراث والثقافة الأحسائية، وهو أمر مهم يستوجب المضي فيه لضمان الاستدامة. وأركز على أهمية المباني التراثية القائمة وحتمية المحافظة عليها بالتشريعات الرسمية، وتعزيز مكانتها بالمباني المحدثة التي تحتاجها الواحة، ومنها الأسواق، النُزل، والمباني الحكومية، بحيث تستوحى تصاميمها من التراث الأحسائي فتشكل فيما بينها؛ القديم منها والحديث؛ منظومة تراثية معطرة بعبق التاريخ وجمال المنطقة.