أصبحت الدعاية للتسويق السياسي تمتهن التأثير العاطفي على الإدراك، عبر نشر وإغراق الفيسبوك، أو الشبكات الاجتماعية بالأخبار الزائفة والملونة، للتأثير وتنفيذ الهدف المنشود من قبل الحكومات، وشركات العلاقات العامة، أو العدو. تحليل البيانات التي تشكل ثروة لا يستهان بها في وقتنا الحاضر للتخطيط، والعمل على استراتيجيات تغيير السلوك، كلفت الفيسبوك خسارة 60 مليار تقريبا من قيمتها السوقية، بعد اكتشاف تسريب بيانات المستخدمين لشركة علاقات عامة أدارت حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. تنتهج شركات التسويق تقنيات عديدة لتسويق منتجاتها، وتحفيز سلوك المستهلك، لإنفاق المال من أجل الحصول على المنتج المقصود. ولعل من أشهر التقنيات التأثير والتحفيز بواسطة حاسة الشم، لتسويق المنتج وزيادة المبيعات، على سبيل المثال رائحة محلات القهوة أكبر محفز للتوقف، فرائحة القهوة الآسرة غالبا قادرة على الإطاحة بِنَا، واقتيادنا رغما عنا لشراء كوب من القهوة، حتى لو كنّا على عجلة من أمرنا، أو حتى قررنا ترشيد إنفاق أموالنا على كوب قهوة لا يسمن ولا يغني من جوع. في الواقع أن عامل الجذب ما هو إلا حيلة تسويقية، عبر روائح زيوت عطرية وشموع تنثر عبير القهوة القوي، لتديم قوة التأثير على المستهلك، الذي يظن أن ما يستمتع بشمه رائحة حقيقية لمنتجه المفضل. على هذا النحو التسويقي سارت شركة «الفيسبوك» مع شريكتها كامبريدج أناليتيكا في التأثير على المستخدمين أثناء الانتخابات الأمريكية عام 2016، عبر مصطلح «Marketing Aromatics»، الذي يعني استخدام الروائح لتسويق المنتج، فالشركة عملت على التأثير على سلوك المستخدم وتوجيه الرسائل والإعلانات، للتأثير على خيارات الناخبين الأمريكيين وغيرهم للتصويت، ودعم اختيار ترامب دون غيره من المرشحين. الفضيحة التي أحاطت بالفيسبوك ضاعفت من انتقادها وتنامي حملات المقاطعة وحذف التطبيق بين المستخدمين، بعد ثبوت دور الفيسبوك في تسهيل استخدام بيانات المستخدمين، وانتهاك الخصوصية للتأثير على خيارات الناخبين عبر جمع بيانات 50 مليون مستخدم تقريبا، للتخطيط لحملة ترامب والظفر بالرئاسة. أحد موظفي كامبريدج أناليتيكا الذي يدعى «ويلي» وشارك بتحليل البيانات،صرح في مقابلته مع القناة الرابعة البريطانية أن الحصول على هذه البيانات سمح «بالانتقال إلى قلوب وعقول الأمريكيين بطريقة لم تحدث من قبل». الشركة المتهمة شاركت بتجميع البيانات الخاصة بالمستخدمين، وتفضيلاتهم وشبكاتهم مع المستخدمين الآخرين، ومن ثم تصنيف المعلومات، ليتم استغلالها من خلال تحفيز وتشجيع المستخدم عبر «مصيدة القهوة»، لاستهلاك الأخبار والإعلانات الموجهة التي تسوق لحملة ترامب الرئاسية. «مصيدة القهوة» سلوك شائع الآن مع اعتماد الناس على الشبكات الاجتماعية كمصدر للخبر، والتواصل، فالمصيدة تقنية حديثة لا تخص فقط الفيسبوك، بل تشمل بقية المنصات الاجتماعية، وتكشف عن جزء صغير من المصائد التي تنصبها الشبكات الاجتماعية لمستخدميها يوميا لبيع «المنتج» حساب وملحقات «المستخدم» لشركات الإعلان والعلاقات العامة، من أجل الظفر بالإعلان والأرباح العالية، دون اهتمام بالخصوصية والسرية بعدم الإفصاح عن معلومات المستخدم.