كتبت في مقال سابق هذا الأسبوع عن مسلسل تشويش الإعلام الأمريكي على الرئيس ترمب، وذلك عندما أثاروا إمكانية عزله للمحقق الخاص، روبرت مولر، وتوقعت بأن هذا الإعلام سيجد قضية أخرى، يهاجم من خلالها الرئيس، خصوصا بعدما بدأ القائمون عليه يشعرون بتململ الشعب، من الحديث عن قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، ودور ترمب فيها، وهاهم بعد قليل من الجهد، يقفزون إلى قضية أخرى، يلاحقون من خلالها الرئيس، الذي انتزع الرئاسة من بين مخالبهم الشرسة، بفضل جمهوره المحافظ الضخم، الذي لم يتخيل اليسار الأمريكي حجم عدده، ولا مقدار غضبه على المؤسسة الرسمية الحاكمة، فلا حديث للإعلام حاليا إلا عن قصة علاقة قديمة، يقال إنها جمعت ترمب مع ممثلة أفلام إباحية، فشرّقت وسائل الإعلام وغرّبت بالقصة، وأجرت التحقيقات الواسعة، وقابلت الممثلة ذاتها، التي لم تقل الكثير، عدا ما لقنه إياها اعلام اليسار، وهي لا شك تبحث عن مردود مالي، من خلال الحديث عن علاقتها بترمب، عندما كانت حياته تدور حول الثراء والترف وما يتبع ذلك! علاقة الساسة مع الجميلات في العالم الغربي تعتبر كنزا للإعلام، وعلاقة ترمب مع هذه الممثلة تدخل ضمن هذا الإطار، وترمب ليس متفردا بذلك، فقد ارتبطت مثل هذه الفضائح بمعظم الرؤساء، بما في ذلك الرئيس الشهير، فرانكلين روزفلت، الذي كان يلوذ في منتجعه، بعيدا عن أعين زوجته، المثقفة الرفيعة، ايلينور روزفلت، أما الرئيس الوسيم والثري، جون كينيدي، فقد كان شغوفا بحياة الأنس، هربا من ضغط العمل الرئاسي، وعلاقته مع ممثلة الإغراء الأشهر، الراحلة مارلين مونرو، التي توفيت، أو قُتِلت على الأرجح، تملأ صفحات الكتب، وأوراق الصحف، وشاشات التلفزة، ووصل الأمر درجة أنها غنت له في عيد ميلاده، في قاعة ماديسون سكوير قاردن بمدينة نيويورك، وهو الحدث، الذي كان مثار حديث الشعب الأمريكي لمدة طويلة. الرئيس بيل كلينتون كاد أن يخسر منصبه، بعدما صوت مجلس النواب على عزله، ثم نجا في نهاية المطاف، وذلك بسبب علاقته مع المتدربة، مونيكا لوينسكي، التي اتضح أنها كانت واحدة من سلسلة عشرات العلاقات لكلينتون، خصوصا قبل ترشحه للرئاسة، عندما كان حاكما لولاية اركانساس الصغيرة، ما يعني أن علاقته بمونيكا تسربت، لأنه كان تحت المجهر، ويتفق المراقبون على أن كثيرا من الساسة لهم علاقات مماثلة، ولكنها لم تكن معلومة لعامة الناس، وما يهم هنا هو حديث الإعلام عن علاقة ترمب بالممثلة ستورمي دانيالز، وكأنها جريمة لم يرتكبها غيره، وبواعث ذلك ليست أخلاقية مطلقا، فهي تأتي ضمن الهجوم الممنهج عليه، وسبق أن كتبت بأن خصوم ترمب عاهدوا أنفسهم بأن لا يتركوه يهنأ لحظة، فلو لم يتم كشف أمر هذه العلاقة، لوجدوا غيرها، إذ أن سجل ترمب بالعلاقات النسائية مزدحم، بحكم ثرائه، ونشاطه الكبير في أوساط المال والأعمال والإعلام، والخلاصة هي أن ترمب ستتم ملاحقته، حتى يخرج من البيت الأبيض، سواء بقضية سياسية، أو اقتصادية، أو أخلاقية، وهو يعلم ذلك تماما!،