أصدر مجلس إدارة نادي الهلال قراراً بإقالة المدير الفني للفريق الأول الأرجنتيني رامون دياز، بعد ما يزيد عن السنة والنصف من الإشراف على الزعيم. هذه الرحلة بدأت بشكل مميز حتى انتهاء الموسم الماضي الذي جمع فيه الهلال ما بين لقب الدوري ولقب كأس خادم الحرمين الشريفين والتأهل لدور الثمانية، معلناً بذلك اكتساحاً أزرق للموسم. بدأ الموسم الحالي وأحلام الهلاليين تعانق السماء، وكل شيء متاحٌ لهم. فالإدارة الهلالية أمنّت كل ما يمكن تأمينه من تعاقدات أجنبية بشراء عقد خربين والتعاقد مع (الأمين) الحبسي وجملة من التعاقدات المحلية المميزة التي يطمح أي فريق آخر إتمام إحداها فقط. بدأت علامات الامتعاض تظهر شيئاً فشيئاً بواحد من أغرب و أسوأ التعاقدات الأجنبية والمتمثلة بماتياس بريتوس، والإصرار العجيب على إشراكه رغم سوء ما يقدّمه بشكل لا يصدق، ثم إبعاده في أهم لقاءين للهلال (مباراتي النهائي الآسيوي)، في دلالة مزعجة على رؤية وحكم المدرب على لاعبيه وهو الأقرب والأكثر احتكاكاً بهم من المتابعين والجماهير. نقطة التحول كانت فعلاً هي إصابة نجم الفريق الأول السوبر (كارلوس إدواردو)، ورغم تمالك الفريق لأعصابه وتأجيل الحسم للإياب، فلم يرَ المتابع والمشجع أي ردة فعل فنية من مدربه الذي يأمل في خبرته وحنكته أن يخفف من تأثير هذا الضرر، ولكن شيئاً لم يحدث. وتوالت الإصابات على نجوم الفريق بكشلٍ مؤثِّر على الأداء بلا شك، ودون أي لائمة تُلقى على المدرب على هذه الغيابات. لكن ماذا فعل المدرب بعد ذلك؟ هل تعامل مع الأدوات التي يملكها بحيث يُخرج منها أفضل ما تملك؟ هل أبدل طريقة اللعب التي كانت مناسبة بوجود الأدوات المناسبة، بطريقة تناسب الأدوات الحالية؟ هل عمل على حل مشكلة التسجيل التي ظل يعترف بها بعد كل لقاء؟ هل عمل على جعل الضربات الركنية والكرات الثابتة أسلحة للتسجيل؟ هل تعامل مع كل لقاء بناءً على قوة وطريقة ونقاط ضعف منافسه؟ كل ما سبق كانت إجابته (لا)، وبناءً على ذلك تقلّص الفارق بين الهلال ووصيفه إلى نقطتين قبل آخر جولة، وخرج من كأس الملك في أول دور له، ويتذيل حالياً ترتيب مجموعته الآسيوية بنقطة واحدة من لقاءين و دون تسجيل أي هدف! ما زال الهلال يملك فرصة تعديل ما تهاون أو عجز عن تعديله دياز، وما زال الدوري بعد توفيق الله متاحاً للزعيم، وحتى التأهل الآسيوي ما زال في أرضية الملعب. ففريق ما زال يملك في حراسته علي الحبسي، وفي دفاعه الشهراني وجحفلي وهوساوي والبريك، وفي وسطه خيبري وكنو وسيروتي وبن شرقي والفقي، وفي هجومه ريفاس، ليس بفريق ضعيف يتعادل ويخسر من فرق المؤخرة ومتوسط الترتيب. ذلك الهلال الذي يلعب منقوصاً إدواردو وخربين والعابد وسالم وكادش، ويملك في احتياطه المعيوف والبليهي والحافظ والزوري وعطيف والفرج وميلسي والشلهوب وياسر ومختار. هذا الهلال بأكمله هو ما سعت إدارة الهلال لتوفيره ليظل الهلال مقنعاً وقوياً، وهذا الهلال بأكمله الذي لم يستطع دياز أن يظهره بشكلٍ حسن عندما احتاج حنكة وخبرة مدربه. فالغيابات بلا شك مؤثِّرة، وعودة كل تلك الأسماء ستجعل الهلال استثناءً لا يقارن بغيره. ولكن الأكيد أن غيابها ليس بعذر كافٍ لجعل الهلال فريقاً مملاً عاجزاً لا يملك الجرأة على تهديد مرمى خصومه، مكتفياً بالاستحواذ على الكرة بعيداً عن مناطق الخطر. رحل دياز مشكوراً على ما قدم، وملاماً على ما فرط، فتلك سنة الحياة وتلك نواميس كرة القدم. وسيستمر الهلال بإذن الله زعيماً ومتفوقاً على منافسيه متى ما كانت قلوب كل أطيافه متعلقة بمصلحة الهلال دون انقسامات وتحزبات مع مدرب أو لاعب أو حتى رئيس.