وفق بيانات الهيئة العامة للإحصاء بلغ متوسط معدل التضخم خلال عام 2017 نحو -0.24 في المائة وعليه يكون التضخم في السعودية قد سجل أول انكماش خلال عشر سنوات (أي منذ تعديل سنة الأساس إلى عام 2007) فيما بلغ متوسط معدل التضخم عام 2016 نحو 3.5 في المائة وهناك توقعات بأن يصل متوسط معدل التضخم عام 2018 إلى 5.7 في المائة، مع نمو 1.6 في المائة حسب تقديرات صندوق النقد الدولي. يمر الاقتصاد المحلي بمرحلة تحولات هيكلية، لكن عالجت الدولة استمرار التضخم السلبي برفع الإنفاق الرأسمالي بنحو 14 في المائة، وتحفيز القطاع الخاص لكن مع أهمية فطمه من الاعتماد على الدولة وعلى القطاع النفطي واستمرار اعتماده على اليد العاملة الوافدة خصوصاً الرخيصة وغير المنتجة التي هي على حساب العمالة المحلية وهي السبب في رفع نسب البطالة، لكنّ أمامه فرصاً واسعة خصوصاً مع توقعات بتسريع خطوات الخصخصة في السعودية، حيث يستهدف قطاع النقل مساهمة القطاع الخاص بنسبة 50 في المائة لمشاريع السكك الحديدية و70 في المائة للموانئ والمطارات والتجمعات الصحية نواة لتأسيس شركات إلى جانب مشاركة القطاع الخاص في تحلية المياه. ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء تخفض الطلب وتقلل استهلاك الكهرباء أي ضبط الوفرة والحفاظ على القدرة التنافسية من خلال رفع كفاءة الطاقة مع إتاحة خيارات نقل بديلة مع تحديد مسار مكثف للطاقة، ومعالجة ارتفاع معدل استهلاك الطاقة المحلية والتوفيق مع انخفاض الضغط على عائدات تصدير النفط للدولة، مع التنوع في قطاعات التصنيع والخدمات عالية القيمة كاستثمار قوي في كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، وزيادة أو الحفاظ على عائدات تصدير النفط. بالفعل تمكنت الدولة من تسجيل ارتفاع في فائض الميزان التجاري خلال 11 شهراً من عام 2017 بنحو 103 في المائة بلغ 300 مليار ريال حيث ارتفعت الصادرات النفطية 20 في المائة لتبلغ 748 مليار ريال عام 2017 مقابل 623 مليار ريال عام 2016، فيما بلغت الواردات بانخفاض 5.7 في المائة عن عام 2016، فبلغت الواردات عام 2017 نحو 448 مليار ريال مقابل 475 مليار ريال عام 2016، أي أن الصادرات غير النفطية بلغت 172 مليار ريال عام 2017 مقابل 165 مليار ريال عام 2016 فلا تزال منخفضة وبعيدة عن المستهدف بحسب المبادرات في 2030. السعودية تجاوزت مرحلة الريعية بجهود ناجحة في التنوع الاقتصادي ومعالجة الآثار الاجتماعية حيث واجهت ارتفاع الفوائد نتيجة ارتباط الريال بالدولار وسترفع الاحتياطي الفيدرالي الفائدة ثلاث مرات عام 2018 من خلال تحمل الدولة فوائد المسكن الأول لمن راتبه 14 ألفاً فأقل، وواجهت رفع أسعار الكهرباء والبنزين بتقديم بدل غلاء للمواطنين والمتقاعدين، ونظام حساب المواطن للفئات المستحقة. رغم أن العائدات النفطية لا تزال تلعب دوراً مركزياً في تشكيل الاقتصاديات في السعودية، لكن بالتوازي هناك جهود حثيثة في دعم خطط التحول والتنوع الاقتصادي، وهي تعيش نهضة اقتصادية ونجحت لديها بالفعل جهود التكيف والإصلاح الاقتصادي وأثبتت الدولة قدرتها الكبيرة على تصميمها في إجراء الإصلاحات الاقتصادية مع معالجة الآثار الاجتماعية. بمعنى أن الإصلاحات تمت فيها مراعاة البعد الاجتماعي حتى لا تكون لها آثار سلبية، وأثبت أنه أكثر مرونة مما كان يعتقد أو يراهن كثيرون على فشل تلك الإصلاحات وعدم تمكنها من مراعاة البعد الاجتماعي بل أثبتت تلك الإصلاحات أنها قادرة على امتصاص تلك الإصلاحات السريعة والعميقة خصوصاً أن السياسات الاقتصادية تعمل بنظام التعويضات مما يجعلها أكثر قبولاً رغم صعوبة بعضها. ** ** - أستاذ بجامعة أم القرى بمكة