وسائل الإعلام الاجتماعية جزء لا يتجزأ من حياتنا خصوصا لجيل الشباب والمراهقين، الذي يَرَوْن فيها أسلوب حياة في الوصول للمعلومة، وبناء العلاقات والتعرف على العالم الخارجي والتفاعل معه، وبناء الهوية والتعبير عن الذات. منصات التواصل الاجتماعي تكتنفها العديد من المخاطر التي قد تحيط بمستخدميها، ولعل أبرز وأحدث المشاكل ترتبط بالصحة النفسية والعقلية، فالآثار النفسية والعقلية على الجيل الرقمي لفتت أنظار العديد من المؤسسات والجامعات بأمريكا وبريطانيا، مما استدعى إلى إنشاء مراكز بحثية لتناول الظواهر المرتبطة بالجيل الرقمي، واستخداماته اليومية لشبكات التواصل، لرصد الظواهر والآثار المترتبة عليها لمواجهتها. أبرز تلك الظواهر إدمان شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يؤثر على 5 % من الشباب البريطاني، ويوصف ذلك الإدمان بأنه أكثر إدمانا من الإدمان على التدخين والكحول. احتل الإنستقرام الأسوأ على الصحة النفسية من بين منصات التواصل، يليه سناب شات. وتربع الفيسبوك كأكثر المنصات المستخدمة شهرة في المجتمع البريطاني، يليه تويتر بحسب دراسة الجمعية الملكية للصحة العامة وحركة الصحة الشبابية. يتناول التقرير الآثار الإيجابية والسلبية على صحة الشباب والمراهقين، نظرا لخصوصية تلك المرحلة، وتأثير التعرض لوسائل التواصل الاجتماعي خلال النضج العاطفي والاجتماعي. الدراسة الذي أعدها خبراء من أشهر الجامعات بالصحة النفسية والعقلية، والشباب والإعلام، حددوا فيها أبرز التأثيرات السلبية على الصحة النفسية. القلق والاكتئاب كانا من أبرز الآثار المرصودة على صحة الشباب، فالشباب الذين يستخدمون السوشال ميديا لأكثر من ساعتين يوميا أكثر عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب. جزء من هذه المشاعر مرتبط بالاطلاع على حياة الأصدقاء والآخرين، عند التمتع بعطلة أو سهرة خارجية، مما يضاعف من تعزيز مشاعر الأسى واليأس، والمقارنة بين حياتهم وحياة غيرهم على السوشال ميديا. المراهقون والشباب يواجهون ضغوطا يومية، من خلال التمثيل غير الواقعي للحياة الحقيقية، وكيفية التعامل مع الأصدقاء والمستخدمين الآخرين. وكلما ازداد عدد الحسابات للشخص الواحد ازدادت أعراض القلق الاجتماعي. اضطرابات النوم وتأثيرها على الصحة النفسية والجسدية، احتلت حيزا من الآثار السلبية لاستخدامات الشبكات الاجتماعية، كذلك ضعف الثقة بالنفس فيما يتعلق بالجسد والجمال، وفقا للدراسة حوالي 70% من صغار السن يفكرون في إجراء عملية جراحية تجميلية، كما تظهر الفتيات رغبة متزايدة في تغيير مظهرهن بعد تصفح الفيسبوك، بالإضافة إلى تعرض المستخدمين للبلطجة الالكترونية من خلال التعليقات السلبية، سرقة الهوية الإليكترونية والابتزاز، وأخيرا من أحدث الاضطرابات النفسية الخوف من فقدان أي حدث أو خبر، لذا يعمد الشباب أن يكونوا على اتصال مستمر لتلافي فقدان الجديد. وأخيراً.. مع تزايد الاضطرابات والمشاكل النفسية بين الشباب، أدعو كل من يهمه الأمر لتبني دراسة وطنية يشارك فيها كلا من وزارة الصحة والجامعات، لدراسة آثار شبكات التواصل الاجتماعي الإيجابية والسلبية على الصحة العقلية والنفسية، وتأثير ذلك على الجيل الرقمي، والخروج بتوصيات وحلول للحد من الآثار السلبية على الفرد والمجتمع، وتعزيز الجوانب الإيجابية.