الصحافة الورقية التقليدية تعاني عالمياً، ولعل ما كتبه شيخ الصحافة السعودية الأستاذ خالد المالك يؤكد هذه الحقيقة. لا أحد يمنُّ على الوطن بما يقدمه، إلا أنه يجب عدم الإنكار بأن الصحافة السعودية لعبت ولا زالت تلعب أدواراً وطنية ملموسة في التنوير وفي الوقوف رأس حربة في وجه الدعاية والإعلام المعادي، وفي نقد ودعم التنمية وغير ذلك من الأدوار. ورغم تدني مبيعات الصحافة الورقية فلا زالت الصحافة السعودية عمود الإعلام السعودي ومصدر المعلومة والرأي الأولى، لا زالت مصدر المعلومة الموثوق ولا زالت الصحافة الإلكترونية والمرئية والمسموعة ووسائل التواصل تقتات كثيراً على ما تولده المؤسسات الصحفية التقليدية من معلومات وقضايا ونقاشات. أي باحث مبتدئ في الإعلام بإمكانه إثبات ذلك علمياً! هذا يقودني إلى إشكالية واجهتها الصحافة المحلية تمثلت في عدم حماية حقوقها الفكرية، فهي مصادر مفتوحة تنشر جميع محتواها بالمجان، ووسائل الإعلام الرقمية تعيد نشر إنتاجها دون إحساس أو قلق في موضوع المساءلة والحقوق الفكرية. أغلب الصحف العالمية المقروءة لا تتيح كامل محتواها مجاناً بدون اشتراك إلكتروني أو ورقي، بينما صحفنا لا تفعل ذلك. لا أدري هل هو تنافس الصحف الذي يصعب مهمة إحداها لو حاولت الإقدام على ذلك، أم ضعف الرقابة الرسمية في قضايا الملكية الفكرية؟ الصحف جميعها تشتكي، لماذا لا تتفق مع بعضها البعض على حجب بعض المحتوى إلكترونياً لغير المشتركين، كحجب مقالات الرأي والتحقيقات؟ أغلب القراء يقرأون مقالاتنا من خلال روابط تويتر، فلماذا لا يقرأونها من المصدر عبر اشتراك رمزي؟ الجانب الآخر الملاحظ لدى بعض الصحف العالمية هو تعدد المنتجات الثقافية والفكرية. مثال، نرى بعض الصحف تصدر دراسات ومواد وثائقية وقوائم بأفضل الجامعات / المستشفيات... إلخ. أي أنها تتحول إلى مراكز فكرية (ثينك تانك) تنشط في الدراسات والتدريب والاستفادة مما تملكه من قواعد معلومات ومواد أرشيفية ضخمه وقدرات نشر وطباعة... إلخ. تعدد النشاطات لا يمنع كذلك الصحف من الاستثمار في المنتج غير الثقافي، كالاستثمار في المنشآت أو تأسيس برامج أوقاف مساندة ... إلخ. كيف يمكن للحكومة مساعدة الصحف؟ 1 - شراء منتجاتها، سواء الصحف أو المنتجات والخدمات الأخرى كخدمات التوثيق والطباعة. 2 - دعم مساعيها لحفظ حقوقها الفكرية. أخشى أن تتردد الصحف في متابعة حقوقها بسبب تعقيدات الموضوع وتكلفته العالية. 3 - منحها مساحة أكبر من الحرية، لتنافس في المحتوى الصحف والوسائل الإعلامية الأخرى السعودية وغير السعودية. 4 - الدعم غير المباشر المتمثل في الإعفاءات الجمركية والضريبية وتخفيضات النقل وغير ذلك. 5 - الدعم المباشر بتصنيفها ضمن مؤسسات الوطن الثقافية. الدولة تدعم المدارس الأهلية والأندية الرياضية وجمعيات الثقافة والأندية الأدبية، وليس عيباً تصنيف المؤسسات الصحفية كمؤسسات ثقافية ودعمها مثل بقية المؤسسات الثقافية والتعليمية والرياضية. بقي أن أشير إلى أفلاطونية بعض الآراء التي ترى أن دعم الحكومة يتقاطع مع استقلالية الصحافة. لا يوجد لدينا صحافة محلية معارضة أو تخالف توجهات لدينا وهذا أمر مقدر لصحافتنا المحلية. طالما كان الدعم للمؤسسات كمؤسسات ثقافية وبشكل مقنن وواضح للجميع وغير مرتبط بالأشخاص أو بنوعية المحتوى فإنه ليس عيباً ولا يشكل أي ضغط على استقلالية الصحافة السعودية.