مما لا شك فيه، أن الميزانية السعودية التي تم الإعلان عنها، تعبر تاريخية من حيث زيادة الإنفاق الحكومي، حيث تمثل الزيادة في إجمالي النفقات ما نسبته 5.6% عن العام السابق، والتي تصب المشاريع الخدمية أو البنية التحتية، أو على الإنفاق الحكومي ومبالغ الصرف للوزارات والهيئات والخدمات المقدمة للمواطن من تعليم وصحة وغيرها. وتشير أرقام الميزانية المعلنة إلى قوة ومتانة الاقتصاد السعودي، والذي يعد أكبر اقتصاد بالمنطقة العربية، وأحد أكبر 20 اقتصاداً في العالم، وتُبينَ أرقام الإنفاق أنها رأسمالية وهذا الأمر جيد فيما يخص موازنة 2018، كونها تعتبر جديدة على السوق المحلي، وستحرك الركود السابق في الاقتصاد. وللعمل بشكل جيد على خطة الموازنة ولضمان نجاحها، يجب أن لا تقع في يد الصناديق الاستثمارية، وذلك لسببين مهمين، أولهما: في حالة افترضنا وأن حصل وهبطت أسعار البترول مرة أخرى لأي سبب كان، سيتأثر بذلك الإنفاق الرأسمالي ويسبب ربكة في ظل شح السيولة النقدية. الأمر الآخر، الواضح من الميزانية أن الفرق بين الإيرادات والمصروفات حوالي 197 مليار وسيتم تغطيته بالاستدانة، وبالتالي سوف يشكل ذلك ضغطاً على السيولة المحلية في حلول 2018، مع أهمية مراقبة الربع الأول من ذات العام حتى يتضح لنا مدى تأثيرها، وبعد ذلك باستطاعتنا أن نحدد وجهتنا الاستثمارية، أو الاستمرار بالمضاربة العشوائية. اقتصاد المملكة يضم أكبر قاعدة صناعية، ومن أكثر الاقتصاديات حيوية وتطوراً، حيث أشارت أرقام الميزانية إلى تبني الحكومة سياسة إنفاق تكاملي توسعي وتنموي لدعم النمو الاقتصادي، إضافة إلى سعيها إلى تنويع مصادر الدخل، وتحفيز القطاع الخاص، ورفع قدرته على توليد الوظائف. ولدينا العديد من القطاعات الإستراتيجية والحيوية الأخرى، بعيداً عن محرقة الصناديق، فالاستثمار في القطاع الصناعي يسهم في تنوع العائدات المستدامة على الاقتصاد الوطني، أيضاً من شأنه أن يدعم جهود التنمية، فهناك فرص كبيرة متاحة يجب استغلالها على الوجه الأمثل سواء تحدثنا عن القطاعات الصناعية أو الزراعية أو الخدمية وغيرها. الشاهد في الموضوع، أن التنوع في المشاريع التنموية من شأنه أن يساعد في تدوير حركة الاستثمار في الداخل، وزيادة الإنتاج المحلي، ونمو القطاعات الإنتاجية والخدمية في المملكة، وهذا ما تعول عليه الحكومة من زيادة نمو الصادرات غير النفطية، وهذا من شأنه أن يكون أحد ركائز زيادة الناتج المحلي، خاصة في ظل إقرار إستراتيجية تخصيص القطاعات والخدمات.