مقولة درج الكتاب والأدباء والنقاد على الاستشهاد بها - قديماً وحديثاً - عند تلقيهم الكتب المهداة إليهم لمدلول ما تحتوي عليه من العلوم والأفكار التي تنير العقول، وتصقل المواهب، وتؤنس الوحشة، وتوقظ الهمم.. ويرون أنها من أبلغ الهدايا قيمة ونفعاً. وقديماً قال المتنبي: o بداية: شرفت بتلقي مجموعة من الكتب الأدبية والرحلات التاريخية والدراسات النقدية القيمة في مضامينها وأهدافها.. أهداها إليّ مؤلفها الصديق الأديب الشاعر الناقد المربي الفاضل الدكتور: يوسف حسن العارف، منها كتاب (يوميات الغرفة «326» عابرون على سرير المرض)، وهو المعني في هذه القراءة. الكتاب صدر عن نادي الحدود الشمالية الأدبي في طبعته الأولى عام 1436ه، ويقع في (128) ص من القطع المتوسط. وهو عبارة عن سيرة مرضية، ونصوص شعرية، كتبها وهو يرقد على السرير الأبيض بمستشفى الملك فهد العسكري بجدة نتيجة لحادث مروري، تعرّض له بعد خروجه من المسجد مؤدياً صلاة الفجر وعائداً لمنزله؛ مما تسبب في كسر في (القصبة) أعلى الساق قريباً من الرُّكْبَة التي سلمها الله، واحتياج واقع الحال فيما بعد إلى إجراء عملية جراحية نتيجة لذلك. وقد تمت بفضل الله ثم بدعاء المحبين ومهارة مَن أجراها من المتخصصين في طب العظام بمستشفى الملك فهد العسكري بجدة. o ولا غرابة أن يأتي الكتاب جميلاً في أسلوبه، بليغاً في لغته، سامياً في هدفه، راقياً في أفكاره.. فمؤلفه من المتخصصين في الأدب ومشتقاته، وله في هذا المجال أكثر من مؤلف، وأكثر من محاضرة ودراسة ونصوص شعرية، يُشار إليها بالجودة والتميز، قدّم معظمها ضمن نشاطات الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية في الداخل والخارج.. إضافة إلى تحلية فصول الكتاب بنصوص معبرة لشعراء بارزين كأمثال: أمل دنقل/ ونزار قباني/ ود. غازي القصيبي.. ممن قد مر بمثل هذه الحالة. o ويختتم المؤلف كتابه القيم بكلمة مُلهمة، يُفَلسفُ فيها مفهوم (السرير الأبيض) وما يرمي إليه من مدلولات حياتية وأخروية.. يستلهم الإنسان فيها ماضيه وحاضره، وقد كان (قاب قوسين بين الرحيل والبقاء) بقلب المؤمن بقضاء الله وقدره، واستلهام عفوه ومغفرته وقبول توبته وجميل صبره.. فيقول: ص (99): o «وبهذا الكم المعرفي والثقافي من القراءات والإنجازات في أشهُر المرض السبعة يقف الإنسان حائراً أمام فضل ربه، وقدرته على تحويل الألم إلى أمل وعمل، والتعب إلى إنجاز وإبداع، والمحنة إلى منحة وفرص للإنتاج... كما يقف الإنسان عاجزاً عن شكر ربه الذي هيأ له هذه الظروف المرضية؛ ليعيد النظر في واقعه، ويبني مستقبله تخطيطاً، وتوبة، واستدراكاً... إلخ». o وجملة القول: فالكتاب يعد إنجازاً في بابه، فكراً وتوبة، لا يدركها إلا من رقد على السرير الأبيض، وعانى مرارة الحالة وما واكبها من ظروف قاسية، استعان عليها بالصبر والاحتساب عند الله.. دنيا وآخرة.. ووثق بكرم الله وعفوه، وتأسى بقول الشاعر: ** ** علي خضران القرني - كاتب وأديب