في الحوار الممتع الذي أجراه توماس فريدمان مع الأمير محمد بن سلمان، جاء المحور السياسي في نهاية الحوار قبل أن يعطي فريدمان خلاصة ما خرج به من تقييم ل»ربيع السعودية» كما يصف مرحلة الإصلاح والتنوير التي تشهدها المملكة؛ إذ يأتي تقييمه من واقع متابعة ومعايشة استمرت أكثر من ثلاثين عاماً -كما يقول في ثنايا الحوار- ومع لقاءاته وحواراته مع عدد من الشبان والشابات السعوديين، إذاً يكون تقييم فريدمان تقييماً علمياً واستشراقياً بعيداً عن العواطف ولا المجاملة من كاتب عرف بعدم المجاملة حتى لقومه، وحبه للبحث عن «البثور» أو المعوقات. فريدمان جاء تقييمه متوازناً وصادقاً فلم يغفل بعض «العيوب» التي يراها جزءًا من عمل أي شخص، فالكمال لله وحده «هذا من عندي»، وفريدمان أرجع ذلك أن حصل وحدث بعض العيوب ومنها حسب ما قاله «العمل لساعات طويلة» وكثرة المبادرات والمشروعات والأفكار المتلاحقة، وهو ما نشعر به نحن السعوديين، فإن فريدمان يرجعه إلى أن الأمير محمد بن سلمان، وكما أوضح ذلك لفريدمان «لأنني أخشى أنه في يوم وفاتي، سأموت دون أن أحقق ما يدور في ذهني، إن الحياة قصيرة جداً، وقد تحدث الكثير من الأمور، كما أنني حريص جداً على مشاهدته بأم عيني، ولهذا السبب أنا في عجلة من أمري». العجلة وشق تحقيق الإنجازات شعور يشارك به السعوديون جميعاً الأمير محمد، وأفضل عمل يقومون به هو التفاعل ومساندة ما يقوم به هذا الشاب المتنور. نعود إلى المحور قبل الأخير في حوار فريدمان، وهو الشأن السياسي، وباعتقادي أنه ترك هذا المحور إلى ما قبل الختام، الختام الذي جاء تقييماً للسبب الذي دفعه أن يقطع آلاف الكيلومترات لحوار الأمير محمد بن سلمان، هو معرفة ومفهومنا جميعاً بأن الحديث في السياسة عادة ما يغلب عليه المواربة، وتغليف الكلام والآراء بجمل لا تكشف تماماً عما يؤمن به من تحاوره. هذا ما كان يعتقده فريدمان، إلا أن ما حملته إجابات الأمير محمد بن سلمان من صدق وصراحة وشفافية تجعل من حواره مع الأمير محمد بن سلمان من أكثر الحوارات صدقاً، فبالإضافة إلى حديثه عن موقف سعد الدين الحريري، والموقف في اليمن، ونظرته وتقييمه لإدارة الرئيس ترامب، فإنه وبقوله عن شخصية ودور المرشد الإيراني وتشخيصه الدقيق بوصفه «هتلر جديد في منطقة الشرق الأوسط» يكفيه ذلك لإبعاد شبهة أي مواربة أو مجاملة، وفريدمان شخصياً يعرف ويعلم كم هي الجرائم والمآسي التي سببها هتلر النازية للأوروبيين والعالم، وهؤلاء بالذات الأوروبيون عليهم أن يحذروا من هتلر الشرق الأوسط ليوقفوا ما يقوم به من استرضاء حتى لا يقعوا في خطأ وتحمل ما سيفعله هتلر الصفويين.