تعتبر الثقافة أحدَ أهم أدوات الحوارِ مع الشعوب والتعاملِ مع أكثرِ القضايا تعقيداً، وهي محور مهم لمواجهة التطرف والإرهاب والقضايا الفكرية المعاصرة المتعلقة بالخطاب الثقافي والديني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي أيضاً، ويقع على عاتق الخطاب الثقافي مسؤولية النهوض بمتطلباتِ المجتمع الحي المتجدد عبر القرون، وفي ظلِ الظروف الراهنة يبحث كلاهما عن توفيرِ أسباب الازدهارِ والارتقاء والنهضة للمجتمع. ولكي نقدم لمجتمعنا فكراً تنويرياً يواجه التطرف ويصحح المفاهيم وينشر السلام، علينا أن نسهم في طرح أزمة الخطاب الثقافي ضمن إطار تجديده وفق القضايا الملحة في الوقت الحاضر.. فللخطاب الثقافي تاريخه ومفهومه الواسع التداول، وكل ما يتسع تداوله تكثر التباساته فكيف نقرأ الخطاب الثقافي المعاصر، وهل هو في أزمة؟ وهل هي أزمة معرفة وضعف في المعارف والثقافات والانفتاح أم أزمة منهج عند المتحدث أم أزمة جمهور لعدم التوافق بين المتحدث والمستمع؟ برأيي إن كان ثمة مشكل ثقافي فهو يتمثل في محنة العقل واللاعقل، هذا إن فصلنا مفهوم العقل في الخطاب الثقافي ليتسنى لنا أن نُعقلِن هذا الخطاب ونتعمق في ما إذا كانت الثقافة العربية تعاني غياباً أو تغييب العقل ونحن نبحث عن الأثر الثقافي على العقول وكيف يتمظهر العقل واللاعقل في الثقافة وفي التاريخ والموروث والحضارة والأهم: هل عقولنا تُعرَف من خلال ثقافتنا، أم ثقافتنا تُعرَف من خلال عقولنا؟ وأيهما مقدَّم على الآخر؟ علينا أن نقف مجدداً على مثل هذه التساؤلات، فالثقافة إبداع، تجديد، أخلاق، تنوير، موروث، إنتاج، تفاعل، فعل إبداعي، انفتاح، ثم تعدد ثقافات... ف التنوير الثقافي وجدل التطور، أو جدل الفكرة ونقيضها، خلق لنا أزمة خطاب تنويري ثقافي حقيقي. رغم أن المثقف يعي مسؤوليته ومن أين تبدأ وما هو دوره وواجبه تجاه وطنه.. وما دور المجتمع في تلقي الخطاب ودور الدولة في نقل المجتمع نحو حداثة الخطاب السياسي والاقتصادي والديني والثقافي ليُقدِّمه بآليات حداثية تتواءم مع العصر الذي نعيشه. وأخيراً يبقى الاستفهام الملحّ: هل المثقفون مطالبون بفحص الأداة قبل استعمالها؟ وهل نجدد الأداة والوسيلة؟ وما الأداة الصالحة لكي نتعامل مع الخطاب الثقافي ليتقدم ويناهض ويقاوم. هذا باعتبار أن الدور الثقافي من أصعب الأدوار المجتمعية. ** ** - إيمان الأمير