في ظل تعنت القوى المسلحة في لبنان، فإن الأنظار - اليوم - تتجه إلى مرحلة ما بعد استقالة - الرئيس - سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية، وما ستحمله على الصعيدين - السياسي والأمني -، فضلا عن الفراغ السياسي الذي ستؤدي إليه هذه الاستقالة؛ لأنها ستشكّل معلما بارزا في قراءة التطورات الاستراتيجية على مستوى المنطقة العربية، والشرق الأوسط - على وجه الخصوص -، وبمزيد من الجديّة في مراكز التفكير، والقرار الاستراتيجيين. استقالة الحريري، والتي جاءت من الرياض، هي عنوان لمشارف مرحلة جديدة، تمليها اعتبارات عديدة لوضع لبنان على الطريق الصحيح، وستحافظ - في الوقت ذاته - على آمال الحقبة القادمة؛ كونها تفرض على لبنان أن يحيد نفسه عن الصراع الإقليمي، وأن يرفض الأمر الإيراني الواقع، بعد أن وصلت الأمور إلى مرحلة غير قابلة للتراجع، ودخوله المحاور الإيرانية التي ما قادت لبنان يوما عبر التاريخ إلا إلى الخراب، وهو ما أكده الحريري في خطابه، بأن: «إيران لا تحل في مكان إلا وتزرع فيه الفتن، والدمار، والخراب، ويشهد على ذلك تدخلاتها في الشؤون الداخلية للبلدان العربية». توسع نفوذ حزب الله السياسي، والممثل للذراع الإيراني في لبنان، والبلدان العربية، بدا واضحًا على المستوى - الحكومي والإعلامي والبرلماني - ، فالحزب تفوق سلطة الدولة اللبنانية، وهو يشكل دولة ضمن دولة، وله تمثيل رسمي داخل السلطة؛ من أجل الترويج لأجندة إيران التوسعية، والطائفية في المنطقة؛ - ولذا - فإن رسم معالم طريق تجاه تطويق أذرع إيران بالتوازي مع ضرب الإرهاب في الأيام القادمة، تراهن على أن ليس في وسع حزب الله تحمل أي تهديد إقليمي، أو دولي، - لا سيما - في ظل تحوله إلى نقطة تقاطُع بين أطراف فاعلة دولية، وإقليمية، تتلاقى عند جعله على رأس لائحة الأهداف التي يراد التصدّي لها، - خصوصا - وأن هناك إشارات تلوح بالأفق على قرب إنهاء مهمة إيران، وحزب الله في المنطقة. تأكيد الحريري على أن: «أيدي إيران في المنطقة ستقطع»، يتوافق - أيضا - مع تأكيد - وزير الدولة لشؤون الخليج العربي - ثامر السبهان في تغريدة له بعد استقالة سعد الحريري، بأن: «أيدي الغدر، والعدوان يجب أن تبتر»، ويتوافق - كذلك - مع منحى استراتيجية إدارة ترامب، حين اتخذت من جرائم حزب الله منصة لمهاجمة الحزب، ومتابعة تقويض إرهابه، وملاحقته قانونا، كما إيران الداعمة لهذه الجماعة الإرهابية، والتي لن يتسامح معها - الرئيس الأمريكي - دونالد ترامب، مع تشديد واضح على تصنيف الحزب كمنظمة إرهابية، وعلى ارتباطه الوثيق بإيران - مالياً وسياسياً وعقائدياً -.